جورج شاهين
أضافت عودة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى بيروت، بعد الموفد الرئاسي السوداني مصطفى اسماعيل مهلة أخرى للموعودين بحل، أو بمدخل اليه، رغم الأجواء التي أوحت أن ما قيل منذ ما قبل منتصف ليل الأحد ـــ الإثنين أنه حل متكامل بنقاطه السبع، لم يكن إلا «نسمة سلام صيفية» ما لبثت ان اضمحلت لتحل محلها «غيوم تشرينية» تنذر بالعواصف أوعلى الأقل الشكوك عن مدى استعداد طرفي النزاع للدخول في تسوية، ومدى القدرة المتوافرة لديهما لولوجها، بعدما تجاوزت المواقف كل سقفوتعترف أوساط سياسية مطلعة بأن ما جرى تداوله من أجواء انفراج لم يكن إلا من باب المناورة التي كان يحتاج اليها الطرفان. فالموالاة كانت بحاجة الى خطوة سياسية ما تريحها من شبح «الطوفان الشعبي» غير المسبوق الذي أغرق وسط بيروت الأحد الماضي وانعكاساته السياسية والمعنوية. فيما كانت الحكومة بحاجة الى خطوة ما تسمح لها وإمرار مشروع قانون المحكمة ذات الطابع الدولي في جلسة مستعجلة لمجلس الوزراء، وهذا ما حصل أمس، رغم الظروف المحيطة بانعقادها في الشكل والمضمون والتوقيت، وفي الوقت الضائع، على وقع الخطوات الأولى للوساطتين العربية والسودانية، وسعياً لفرض أمر واقع قد يصعب تكريسه بهذه السهولة في ظروف أخرى.
أضف الى ذلك أن السرايا كانت بحاجة الى «مصل الوساطات»، لإحياء حوار إقليمي ودولي كانت تخشى انحساره أو تأثره سلباً بالتحرك الشعبي وما تركه من ردات فعل عربية ودولية موازية لحجمه الكبير.
وفي موازاة ذلك قالت المصادر إن المعارضة التي قدمت أفضل عروضها الشعبية، قصدت الإيحاء أن انتصاراً ما حان أوانه، وعلى طريقة خذ وطالب، كان من المأمول أن توجه ضربتها الأولى الى الحكومة المحاصرة في السرايا، وتعود بقوة الثلث الضامن الى مجلس الوزراء، ليُبنى لاحقاً على ما يمكن أن ينتجه مثل هذا «الحل» من خطوات لتحقيق الوعود التي نُسجت في مناخ الحشود. فضلاً عن حاجتها الماسة الى جرعة سياسية تسجل خرقاً ما في جدار الرفض الحكومي واعترافاً ينهي الاستهتار بحجم القوة الشعبية، خصوصاً في ظل ما سعى اليه الموالون لجهة تكريس «تعادل مفقود» بين ما جمعته ساحات بيروت ومعرض طرابلس الدولي.
وعلى هذه الصورة التي حكمت المشهد السياسي مع بداية الأسبوع، تستذكر المصادر عينها البدايات التي رافقت الإعلان عن مبادرة الجامعة العربية، وتلك التي قادها الرئيس السوداني بصفته رئيساً للقمة العربية عبر وسيطه والإشارة في حينه الى «بارقة أمل» قبل أن تتحول المبادرة الى رزمة او باقة أفكار لم تصبح بعد مبادرة متكاملة. وردت المصادر هذه القراءة الى النفي الحكومي لما سمي «المبادرة ذات النقاط السبع» واتهام دمشق بتسريبها وفق أولويات لا وجود لها.
وختاماً، تنهي المصادر قراءتها للتطورات بانطباعات متشائمة، في ظل ما تسميه «انسداد أفق» حيال المخارج القابلة للتنفيذ ما دامت الشروط قد عادت الى تصلبها السابق بمواكبة تصعيد سياسي وإعلامي بالغ الذروة، وفي أجواء تنذر بانفجار العلاقة على جبهة السرايا ـــ عين التينة، وخصوصاً اذا صح أن الحكومة ستحيل ودون أي تأخير مشروع قانون المحكمة ذات الطابع الدولي والاتفاق بين لبنان والأمم المتحدة صباح اليوم على دوائر المجلس النيابي، مع ما تشكله هذه الخطوة من استفزاز لعين التينة.