فاتن الحاج
خمسة أيام تفصل أساتذة التعليم الثانوي الرسمي عن انتخاب هيئتهم النقابية، وصورة التحالفات لا تزال ضبابية في ظل سعي كافة الأطراف إلى تغليب الائتلاف وتجنيب الرابطة أي معركة انقسامية. لكنّ التحدي، برأي نقابيي الرابطة، يكمن في القدرة على الالتزام «بالقرار النقابي المستقل» وعدمالوصول إلى توافق سياسي فحسب. وقد دفع هذا المبدأ برئيس الهيئة الإدارية للرابطة حنا غريب إلى الدعوة للقاء تشاوري يجمع الأفرقاء، الرابعة من بعد ظهر اليوم، في مقر الرابطة. يحدد غريب أسس التوافق بتأكيد وحدة الجسم التعليمي عبر تشكيل حالة اندماجية مع الأساتذة الجدد الذين دخلوا حديثاً إلى ملاك التعليم الثانوي. كما يشدد على حماية القرار النقابي والنقابيين المستقلين والديموقراطيين. فالرابطة، كما يقول، مطالبة بتعزيز حضورها من خلال قيام أعضائها بجهود مشتركة لإبعاد المخاطر المحدقة بالأساتذة، والحؤول دون جرّ أداتهم النقابية إلى المحاصصات السياسية.
«غير أنّ الرابطة في خطر فعلي فيما لو لم يتم الاتفاق على رؤية مشتركة لمواجهة مشاريع التعاقد الوظيفي التي تهدد الحقوق المكتسبة للأساتذة». هذا على الأقل ما يعتقده أركان التيار النقابي المستقل الذي يضم نقابيين قدامى. يتحدث فؤاد عبد الساتر باسم التيار فيوضح «اننا نحاول أن نحمي الرابطة من المشهد السياسي الذي ينطوي على كثير من التجييش والاحتقان لأننا مؤتمنون على الهيئة النقابية التي لن نفرط بها». يضيف: «أمامنا تحدي إخراج الرابطة من البازار السياسي، فالإنجاز لا يكون بقيام رابطة تنطق باسم التيار الفلاني من قوى 14 آذار أو من المعارضة وأن نهدي النصر لهذا أو ذاك من السياسيين».
وللنقابي محمد قاسم وجهة نظره الخاصة، فهو يرى أنّ الرابطة تقع على مفترق، وقد تستطيع القيادات النقابية بمختلف تلاوينها السياسية أن تجنبها الكأس المرة فيما لو تمكنت من أن تدفع بالعناصر النقابية الحقيقية إلى واجهة التحرك فتبعد الرابطة عن الصراع السياسي والموقت لأن الاحتدام لا بد أن يصل إلى نهاية عاجلاً أم آجلاً». يختصر بالقول: «للقوى السياسية الحق في التنافس ضمن المنطق النقابي الديموقراطي الذي يغلّب مصلحة المعلمين، والمطلوب التوازن بين التوافق السياسي والنقابي بحيث لا يطغى الأول على الآخر، فنكرر تجربة السنة الماضية التي شهدت غزواً سياسياً على الرابطة». وينفي قاسم أن يكون هناك حتى الآن حوار مع النقابيين بشكل يخفف من الهواجس حيال مصير الحركة النقابية وجدية معالجة الأزمة.
أما طرفا المعارضة و14آذار فقد أبدى كل منهما استعداده، في المبدأ، لمناقشة الوصول إلى لائحة توافقية تضم كل الأطراف والفئات، ولكن يبدو أنّ الشيطان يكمن في التفاصيل. فمحمد شريف (حزب الله) يشترط أن يراعي التوافق تمثيلاً حقيقياً للمناطق والتيارات الحزبية «لا نريد أن يستأثر أحد لا بحكومة ولا برابطة». ويستبعد خليل السيقلي (تيار وطني حر) أن تفضي الاجتماعات إلى لائحة توافقية في ظل الظروف الحالية ولا سيما بالنسبة إلى الاختلاف حول الورقة الإصلاحية للحكومة ومشاريع التعاقد الوظيفي، وإن كان السيقلي يتمنى «أن نكون كنقابيين أرقى من السياسيين». من جهته، يعرب عصام عزام (الحزب التقدمي الاشتراكي) عن «رغبتنا في تجنيب الرابطة أية خضة، ولا تقول فول حتى يصير بالمكيول».
يذكر أن الانتخابات تجرى الأحد المقبل لاختيار 18 عضواً في الهيئة الإدارية، فيما وصل عدد المرشحين إلى 130 أستاذاً، وهو رقم ضخم نسبياً، يعزوه البعض إلى طرح الأطراف لهؤلاء في بازار المفاوضات. وقد وصل عدد المندوبين الذين يشتركون في الانتخابات إلى نحو 560 أستاذاً.