strong>أمال ناصر
«كنا نأمل ألا نضطر الى كشف بعض ما لدينا وإذا أصرّوا على تعمية الحقائق فسنكشف المزيد»

كشف المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل عن وثيقة من رئيس «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري يطلب فيها تعهداً و«التزام شرف» من السيد حسن نصر الله بتسليم سلاح المقاومة، مشيراً الى وجود رسائل أخرى لها علاقة بهذا الموضوع وبموضوعات أخرى.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده الخليل رد فيه على ما ورد في بيان «تيار المستقبل» الذي نفى كلاماً سابقاً للخليل عن وجود رسائل من الحريري الى الحزب يطالبه فيها بمقايضة سلاح المقاومة بوقف إطلاق النار خلال العدوان الإسرائيلي.
واستهل الخليل المؤتمر بتلاوة بيان مكتوب، قال فيه: «كنا نأمل ألا يضطرنا النائب سعد الحريري الى كشف موقفه أثناء العدوان الإسرائيلي ونحن الذين عملنا جاهدين على أن نستكمل مع النائب الحريري التفاهم الكبير الذي كان بيننا وبين والده المرحوم الرئيس الشهيد رفيق الحريري حول الرؤية المشتركة للبنان ودور المقاومة وبناء الدولة. لكن، وبكل أسف، لم يستطع النائب الحريري أن يخرج من ربقة الضغوط التي من حوله ومن الخارج. ولم يستطع أن يرتقي نتيجة هذه الضغوط الى مستوى هذه العلاقة والتفاهم، بل عمل على نقضها من خلال الانقلاب على كل مرتكزاتها ومن ثم نكثه لكل اتفاق وتعهد وتفاهم عقدناه معه. ومع ذلك وحرصاً منا على إبقاء المناخ إيجابياً لما فيه مصلحة بلدنا كنا دائماً نخفي مرارتنا وألمنا من الافتقاد الى الصدقية في التعاطي او تغليب مصلحة البلد على الالتزامات الخارجية».
وأضاف: «كنا نأمل ألّا يضعنا الحريري في موضع نضطر فيه الى كشف بعض ما لدينا من حقائق ونحن الذين حرصنا على التعالي على الألم والجراحات خلال العدوان وأطلقنا خطاباً مدوّياً بهدف إبقاء الحكومة متماسكة. ولو قلنا للناس خلال العدوان ما هو حجم الضغوط التي يمارسها فريق السلطة، نسأل هل كانت بقيت حكومة في هذا البلد؟ وهل كان بقي بلد؟ لكن أمام إصرار الحريري ومعه حلفاؤه على تعمية الحقائق وهو الذي بدأ منذ بيان البريستول الشهير بعد وقف العدوان وصولاً الى خطابه في قريطم بداية شهر رمضان المبارك، ثم الحفلات اليومية التي يقيمها السيد فؤاد السنيورة للتغطية على دور أفرقاء لبنانيين في السلطة عملوا على جرّ لبنان الى هذه الحرب، بدءاً بالطلب من الإدارة الأميركية شن العدوان الإسرائيلي الى الموافقة على المشروع الاميركي ــ الفرنسي تحت البند السابع والتجسس على المقاومة وقيادتها الى قرار مصادرة السلاح الذي تحتاج إعادته الى قرار سياسي من السلطة السياسية واشتراط نزع السلاح لوقف الحرب وهو الشرط الذي أطال أمد الحرب ومن أجله شنت الحرب على لبنان».
وأشار الخليل الى أنه سبق ودعا الحريري «بعد تهجمه على المقاومة في خطاب قريطم الى أن تكون لديه الجرأة للإفصاح عن فحوى الرسائل التي كان يبعثها إلى المقاومة أثناء العدوان ولزم الصمت وأبقينا الأمر طي الكتمان لكنهم استمروا لاحقاً في تعمية الحقائق»، وقال: «يتحدثون عن الشرف فأي شرف يطلب فيه سعادة النائب الحريري التزام شرف من قائد المقاومة بتسليم السلاح من أجل وقف الحرب وهو الشرط الاميركي ــ الإسرائيلي، ومن دون هذا الالتزام يتواصل العدوان ويتواصل التدمير وعلى حدّ قوله الأمور صعبة جداً. وبدل أن يخفوا وجوههم خجلاً مما كانوا يقترفون بحق لبنان جاء بيانه وباسم تيار المستقبل».
ثم تلا فقرات من بيان «كتلة المستقبل» متوجهاً الى الحريري بالقول «الآن سنرى مَن هو الصادق ومن هو غير الصادق ومَن الذي أصابه فقدان الذاكرة والبوصلة».
وأبرز الخليل ورقة اضطر، كما قال، بعد ردّ «تيار المستقبل»، إلى أن «يفتش عنها في أرشيف الحرب»، موضحاً أن «هذه الورقة هي بخط الرسول الذي أرسله الحريري في أيام الحرب وبعد إصرار كبير بأن هناك أمراً ضرورياً جداً لأن هناك رسائل من الشيخ سعد الحريري. وفي أول لقاء قال لنا: «تعرفون الوضع الدولي والأمور ذاهبة تحت الفصل السابع ما يعني كارثة وعلينا ان نرى كيف سنخرج من هذه المحنة»، كاشفاً أن الرسول هو رئيس فرع المعلومات وأحد مساعدي الحريري وسام الحسن.
أضاف: «قلت له: ما حدا يهوّل علينا بهذه الأمور، هناك انتصارات للمقاومة وأي قوات دولية ستأتي تحت الفصل السابع سنتعاطى معها كما نتعاطى مع الإسرائيليين». وأؤكد أن النائب الحريري كان يريد التزام شرف من سماحة السيد، لتحديد وقت لتسليم السلاح من أجل وقف الحرب. وعندما قلت له إن من المعيب أن يطلب منا ذلك ونحن في هذا الجو ونخوض أشرس المعارك. أجاب: هذا ينص عليه اتفاق الطائف. فقلنا إن هذا الأمر خطير جداً وأخجل من نقله الى سماحة السيد (نصر الله)، لكنه أصر على نقل الرسالة. وهناك أيضا رسائل وطلبات أخرى لكن سأحصر النقاش في هذا الأمر، فانتهينا من ذلك على أن نأتيه بجواب رسمي من سماحة السيد يطلب فيه عدم مقاربة هذا الموضوع أثناء الحرب وقلت له «عندما تضع الحرب أوزارها يعود النقاش على طاولة الحوار بشكل طبيعي لأنه شأن داخلي لبناني».
وأعلن الخليل أن الحسن «بعث إلينا لاحقاً مع أحد الإخوان في التعبئة التربوية الحاج أكرم سعد برسالة من الحريري عندما كان يتحدث اليه على الهاتف وأمام الرسول الذي بعث معه الرسالة.
وبعد أن قرأ الخليل مضمون الرسالة الموجهة الى السيد نصر الله بشأن تسليم سلاح الحزب أمام الاعلاميين، قال: «هذا هو التزام الشرف الذي كان يُطلب من السيد حسن نصر الله في شأن تسليم سلاح حزب الله».
ونصح فريق السلطة بالكف «عن تعمية هذه الحقائق التي اضطررنا إلى أن نقولها لوسائل الإعلام» مشيراً الى أن «لا أحد منا كان مسروراً أن يكون في هذا الموقع». وقال: «الآن سنكتفي بهذا المقدار»، مؤكداً «وجود رسائل أخرى لها علاقة بهذا الموضوع وبكل الموضوعات التي أثرناها في وسائل الإعلام. سنكتفي الآن بهذا المقدار لكنْ اذا أصرّ الطرف الآخر على المضي بطريقة التعمية فلدينا المزيد».
ورداً على سؤال عن إمكان أن يتذرع الحريري بأن هذه الرسالة صدرت عن أحد معاونيه وهو غير مسؤول عنها لأن معاونه قد يكون خائناً، أجاب: «لا أريد الدخول في هذه التفاصيل وآمل أن لا يخونه مساعده يوماً، واذا كان الوضع كذلك فليقل بالعلن إن الرسول خانه».


نص الرسالة
في ما يلي نص الرسالة التي تلاها الخليل في المؤتمر الصحافي:
الاخ العزيز الحاج حسين الخليل.
تحية طيبة.
-أبلغت الشيخ سعد باجتماعنا وتفاصيله وأوضحت له خوفكم واعتراضكم على القوة الدولية ورغبتكم بأن تكون تحت امرة الامم المتحدة وان لا تأتي تحت البند السابع.
-كما حرصنا على توضيح ما أشرتم به لجهة اصراركم على الحكومة لأن تعمل على عدم ذكر «نزع سلاح حزب الله» ضمن القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن على أن تكون ترجمته العملية من ضمن تطبيق اتفاق الطائف (شأن داخلي) حتى لا يظهر الموضوع كأنه يفرض عليكم من أميركا أو اسرائيل.
-لقد عاد واتصل بي صباحاً (اليوم) ليسألني عن موضوع التزام الشرف من قبل سماحة السيد( تجاه في) موضوع السلاح وطلب مني أن أسألك ان كان هناك جواب.
-ملاحظة: عرفت ان الوزير الايراني قد طلب من الرئيس السنيورة والوزير الفرنسي اجماعاً على القوة الدولية وأبدى رأياً غير واضح فيما يتعلق بمزارع شبعا .أرجو الايضاح،وشكراً.


اجراءات أمنية مشددة

ترافق المؤتمر الصحافي مع اجراءات أمنية مشددة على الطريق المؤدي الى المكان المقرر له في قاعة الشهيد السيد عباس الموسوي في حي الابيض. تجمع الصحافيون في المكتب الاعلامي لـ «حزب الله» الكائن في بئر العبد، ثم أقلتهم سيارة تابعة للحزب الى المكان المقصود. وقد تأخر المؤتمر المقرر الساعة الثالثة والنصف عشرين دقيقة، ليطل بعدها الخليل وقد بدا عليه الهدوء والارتياح اللذين خرقتهما نبرة عالية أثناء المؤتمر.