الشيخ حسين محمد المظلوم
في ظل هذه الظروف العصيبة التي يعيشها اللبنانيون، لا بد لنا من هذه الكلمة الهادئة نخاطب بها العقلاء ونناشد الصلحاء:
إن التجيـيش الطائفي والتحريض المذهبي جريمة كبرى ضد الإنسانية جمعاء تتنافى مع كل القيم والمبادئ والقوانين والأعراف، وإن الذين يمارسون هذا العمل لمآرب شخصية ومصالح ضيقة هم أعداء الوطن بكل ما في هــــــــــــــــــــذه الكلمة من معنى، وهم في ما يفعلون لا يعبرون إلا عن أنفـــــــــــــسهم، لا عن طوائفـــــــــــهم لعلمنا بأن كل الطــــــــــوائف في هذا البلد لا تدعو إلا إلى المحبة والوفاق والتــــــــــــآخي والاستقامة، فعلى رجال الدين مسلمين ومسيحيين أن يفـــــــــــــعّلوا هذه القاعدة السامية خطابة وكتابة ونهجاً وسلوكاً في كـــــــــل مناسبة من المناسبات الدينية والوطنية صغيرة كانت أو كبيرة.
إن أولئــــــــــــــــــك الدعاة ــ دعاة الفـــــــــــــــتنة ــ ليسوا من هذا النسيج اللبناني المتميز بتنوعه الـــــــــــفريد والعريق بأصالته النادرة، بل هم أيادٍ مأجورة للخارج من حيث لا يشـــــــــــــــــــــــــعرون ينفذون رغباتـــــــــــــــــــهم من دون وعي وإدراك، وللأسف فإنهم يتســـــــــــــترون خلف طوائفهم التي لا ينتمون إليها إلا بالاسم دون المضمون، لأن هذه الطوائف بريئة من هذه الأعمال التي لا تنسجم مع مبادئها العليا، فإذا قام فـــــــــــــــــــــرد بفعل منكر فهو يعبر عن نفسه لا عن طائفته، وهذا أمر مفروغ منه ومسلم به، فلا يجوز تصويب سهام النقد على طائفته بل عليه.
إن الفتــــــــــــنة أشد من القـــــــــــــــتل، والسكوت عنها أشد منها، فعلى المخلصين من رجال ديـــــــــــــــن وسياســــــــــــة أن يعملوا جاهدين لرأب الصدع ومنع الفتنة لأن الشــــــــــــــــــــعب اللبناني بكل طوائفه لا يحتمل المزيد من النكبات التي اكتوى بــــــــــها، وهو يريد الحياة الكـــــــــــــــــــــــريمة والتواصل السليم المبني على الإخلاص.
لبنان لا يقوم إلا بكل أبنائه الذين يشكلون بتعددهم وحدته المنسجمة، وبوحدتهم تعدده النادر الإيجابي، فالإلغاء منطق عقيم، يجب أن يلغى، والتفرد نهج ملتوٍ يفترض أن يُقَوَّم، والاستئثار مرض عضال علينا أن نستأصله بالمنطق العملي، والتوافق دستور سوي يجب ترسيخه وإلا فنحن في خطر سيصيب الجميع من دون استثناء أحد، ولكن يتحمل مسؤوليته التاريخية والأخلاقية من أسس له وعمل على تثبيته.
إن السلم الاهلي والعــــــــــــــــيش المشترك والانصهار الوطني قواعد ثابتة ومقدسة، وإن التلاعــــــــــــــــــــب بها خطر كبير يجر على البلاد والعباد من دون أدنى شك، ولكن يجب أن يترجم ذلك عملياً من خلال حكومة وحدة وطنية تجمع اللبنانيين ولا تفرقهم وتؤمن المساواة بينهـــــــــــم وتكرس مبدأ العيش المشترك والكريم.
وإن المطـــــــــــــالبة بهما دليل التزام بوحدة اللبنانيين، وليست انقلاباً كما يقول البعض، بل الانقلاب هو الاستئثار وإلغاء الآخر وخيانة المقاومة الباســــــــــــــــلة التي رفعت راية لبنان خفاقة وحققت إنجازات باهرة قل نظيرها.
إن المحكمة اللبنانية ذات الطابع الدولي هي مطلب اللبنانيين كافة، وهناك إجماع عليها، ولكن لترسيخ العدل وتحقيق الحق، لا للابتزاز السياسي وغيره، فلا يجوز الاختلاف على الائتلاف ولا التلاعب بالمسلمات أو تحريف البيّنات.
فالحقيقة واضحة للجميع، ولكن من يجرؤ على قولها؟ وبقولها تنتهي الأزمة وتعود الأمور إلى نصابها.
إن العلاقات الجيدة مع سوريا هي لمصلحة البلدين من دون شك، فلا يجوز قصف المبادرات الهادفة إلى إرضاء بعض الأطراف الخارجية، وإن منطق إطلاق التهم جزافاً كلما وقع حادث هو منطق عقيم، وخصوصاً أنه يفتقر إلى الأدلة، وفي الوقت نفسه فإنه يلغي عمل القضاء، ويولّد الشحناء ويثير الحساسيات التي نحن بغنى عنها.
وفي الختام لا بدّ لنا من توجيه تحية كبيرة إلى الجيش اللبناني الذي بذل جهوداً كبيرة وما زال في فرض الأمن ومنع الفوضى والحفاظ على السلم الأهلي.

  • عضو الهيئة الشرعية في المجلس الإسلامي العلوي