strong>أنطون الخوري حرب
تشهد «كتلة التغيير والإصلاح» النيابية، منذ مدة، تباينات في مواقف أعضائها لجهة المواقف السياسية التي يعلن عنها في البيانات التي تصدر عن التكتل إثر اجتماعاته الدورية والاستثنائية. ويدور همس دائم عن احتمال انسحاب بعض الأعضاء من التكتل، بسبب اعتراضهم على بعض الخطوات التحالفية.
إلا أن واقع الأمر، بحسب أوساط مطلعة، أن بنية التكتل وتركيبته تنسجم مع تمايز أعضائه في تحركاتهم التي توحي بقربها من مواقف الأكثرية. فمنذ ما قبل الحرب، انفرد النائب نعمة الله أبي نصر بالاعتراض على موقف نواب «حزب الله» المعارض للحكومة والداعي الى تغييرها. وأثار هذا التمايز التساؤل مجدداً إثر دعوة إبي نصر الوزراء الشيعة إلى العودة عن استقالاتهم قبل انطلاق التحرك الشعبي الأخير للمعارضة.
وفي المقابل أثار موقف عضو التكتل عاصم عراجي الرافض للتحرك الشعبي استياءً لدى جمهور المعارضة وكلاماً كثيراً عن احتمال انشقاقه عن كتلته، ليأتي موقف الكتلة الشعبية التي يرأسها النائب الياس سكاف، والمنضوية في «كتلة التغيير والإصلاح»، عندما اعتبرت، من على درج بكركي، أن «التحرك الشعبي أدّى أغراضه، وبات على المعارضة أن تنتقل الى طاولة التفاوض مع الحكومة»، ما أثار عاصفة تساؤلات عن احتمال انفراط عقد التكتل المعارض في ذروة المواجهة مع السلطة، ما قد يصيب المعارضة بضربة كبيرة تؤدّي الى إضعافها.
لكن من يستعرض تركيبة «كتلة التغيير والإصلاح» يرى أنها مكونة من مستويات عدّة، فهناك نواب «التيار الوطني الحر» وهم: العماد ميشال عون، شامل موزايا، إدغار معلوف، سليم عون، ابراهيم كنعان ونبيل نقولا. وهناك حلفاء التيار في الكتلة الشعبية أي النواب: إيلي سكاف، عاصم عراجي، جورج قصارجي، حسن يعقوب وكميل المعلوف. وهناك النواب المستقلّون المتحالفون مع العماد عون، وهم: ميشال المر، غسان مخيبر، هاغوب بقرادوني وسليم سلهب من المتن الشمالي، والنواب: يوسف خليل، فريد الخازن، نعمة الله أبي نصر، جيلبرت زوين، وليد خوري وعبّاس هاشم من كسروان وجبيل.
ويتبيّن من هذا العرض أن المستقلين يطغون على «تكتل التغيير والإصلاح»، وهم ممن كانوا في المعترك السياسي حين كان عون في المنفى، لذلك من الطبيعي ألا تكون مواقفهم متشابهة. فالعماد عون يرى هذه الظاهرة طبيعية ومنسجمة مع تركيبة كتلته النيابية، وطالما أن المواقف الرسمية لهؤلاء تصدر عن التكتل بشكل عام، وبتأييد كامل أعضائه، فإن التمايز في التصريحات الفردية يصب في الروحية الديموقراطية للعمل السياسي الحضاري بخلاف الأسلوب الشمولي لقيادات الكتل النيابية لفريق البريستول، حيث يشكل الترغيب والترهيب ضوابط الالتزام لنوابهم.
ويرى النائب نبيل نقولا أن بعض زملائه يتكلمون بلهجة بعض الناس الذين تحرّكهم الهواجس الانتخابية، فيما يصرّ أبي نصر على تمايزه، مضيفاً عنصراً جديداً إليه، باعتباره التحرك الشعبي «مفيداً معنوياً لكنه عملياً من دون نتيجة سياسية».
أما النائب سليم عون فأوضح أن التباساً حصل في تفسير بيان الكتلة الشعبية الأخير، إذ إن النائب قصارجي «تلا ورقة مختلفة عن بيان الكتلة، وكان فيها شيء من الغموض، ما أدّى الى تفسيرها بطريقة ملتبسة». وأكد عون أن النائب سكاف «من أشد الملتزمين بكتلة العماد عون، وهو وجّه رسالة الى الزحلاويين أخيراً يشرح فيها أهداف تحرك المعارضة ويدعوهم للمشاركة فيه». وسأل عون: «كيف للنائب سكاف أن يختلف مع العماد عون الذي رفض المساومة على توزير سكاف، بعدما رفض النائب سعد الحريري ذلك في شكل قاطع بسبب خلاف سابق بين سكاف والرئيس رفيق الحريري».
ويؤكد نقولا أن اجتماعات الكتلة «تشهد نقاشات حادة وأحياناً متناقضة، لكن العماد يحسم الموقف دائماً إمّا بالتوافق الأكثري وإمّا بالتوافق العام». ويفسّر عدم دعوة النائب ميشال المر أنصاره للمشاركة في التحرك الشعبي بتداخل قاعدته الشعبية مع قاعدة التيار، وبالتالي فإن مناصريه يلبون نداء التيار تلقائياً من دون الحاجة الى نداء خاص منه». وعن موقف النائب عراجي، يؤكد نقولا أن الأخير «ميّز موقفه عن موقف التيار بالنسبة للتحرك الشعبي بسبب تعرض منزله لاعتداءين، وبسبب خشيته من ردود الفعل الغرائزية، لكنه رغم ذلك أكد أمام وسائل الإعلام أنه باق في كتلة العماد عون ولن يخرج منها». ويجمع نواب «التغيير والإصلاح» ورئيسهم على فشل الرهان على تفكك كتلتهم، ويبدون ارتياحاً واضحاً لأداء كل منهم، فهل يبقى التمايز القائم دليل عافية وديموقراطية أم يتحوّل هاجساً يقلق جمهور المعارضة ويستفيد منه خصومها في المواجهة الحالية والاستحقاقات المستقبلية؟
في ظل إحجام النواب المعنيين عن الكلام على تمايزهم، يبقى كلام زملائهم مطمئناً الى حين.