صيدا ــ خالد الغربي
لا يرى الفلسطيني أبو محمود قدورة (72عاماً) أحد سكان مخيم عين الحلوة، الذي ينوء بأكثر من سبعين ألف لاجئ فلسطيني، «بوناً» شاسعاً بين ما يجري في لبنان من خلافات وانقسامات وما يحصل في فلسطين، لكن بشكل «مقلوب»؛ فهناك في فلسطين لا تعترف أميركا بخيارات الشعب الفلسطيني الذي أوصل حركة حماس الى رئاسة الحكومة، وهي تريد انتخابات جديدة، بينما عندكم (يقصد لبنان) تتمسك أميركا بالحكومة ولا تريد انتخابات برلمانية جديدة. وما يقلق هذا الفلسطيني وتشاطره فيه فئات واسعة من أترابه اللاجئين، أن يقود الخلاف الفلسطيني ــ الفلسطيني في الداخل، الى حرب أهلية تطيح الأخضر واليابس وتكون كارثة على الشعب الفلسطيني.
وبالفعل تعيش المخيمات الفلسطينية هواجس تفجر الأوضاع الداخلية وانعكاساتها الخطرة على القضية الفلسطينية واللاجئين في لبنان؛ وتقول نايفة شاكر: «نخشى من أمرين: تفاقم الوضع في لبنان، وكل طرف (لبناني) يسعى لجر الفلسطينيين إلى موقعه، والأمر الآخر تفجر الوضع بين حماس وحركة فتح في غزة وما يصيبنا جراء هذا الاقتتال في المخيمات الفلسطينية». بينما لا يعتقد أحمد العوض أن القيادات الفلسطينية في لبنان باستطاعتها فعل أي شيء إذا توتر الوضع في فلسطين.
غير أن اللاجئين لا يفصحون كثيراً عن موقفهم من الصراع الدائر في لبنان، فهم غالب الظن تائهون بين مشروع المقاومة والانحياز المذهبي الذي على ما يبدو بدأ يتسرب بقوة الى الوسط الفلسطيني، مع تأكيد أوساط سياسية لبنانية أن هذا الأمر ما كان ليحصل لولا «النفخ» الذي تمارسه جهات سياسية تحاول استدراج الفلسطينيين لكي «يتمذهبوا». ويشير رضوان العلي إلى أن الفلسطينيين غير معنيين بالوقوف الى جانب هذا الفريق أو مناصرة ذاك، وهم يريدون كل الخير للبنان وللشعب اللبناني وإن تفاقم الأمور سيصيب اللاجئين أكثر من غيرهم. ويتساءل العديد منهم عن سبب ما يحصل في بعض المخيمات الفلسطينية، من توتير للأجواء ولا سيما في مخيمات الشمال التي شهد بعضها «انتفاضة» على الانتفاضة (فتح)، وتوقيتها وكلام هامس عن انتقال «أصوليين» لبنانيين وفلسطينيين الى تلك المخيمات، وإن كانت هذه الحركة فيما لو تم تأكيدها لا تضير كثيراً أبناء مخيمات الجنوب، وخصوصاً مخيمات صيدا، حيث يرى بعض المواطنين فيها أن مخيم عين الحلوة عادة ما يكون هو الخبر والحدث الأمني.
وتختصر بعض الكتابات على جدران وأزقة المخيم، موقف الشارع الفلسطيني من تداعيات ما يحصل في فلسطين. وتقول إحداها «إن الاقتتال الداخلي حرام ولعن الله الفتنة». وتدعو أخرى الى التضامن ووقف التناحر الذي لا يفيد إلا إسرائيل وأعداء الشعب الفلسطيني.