بوتين قلق ويأمل من اللبنانيين حل مشاكلهم
أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه من الوضع في لبنان آملاً أن يتمكن لبنان من حل مشاكله، ووعد بدعم الشعب اللبناني في مهمة إعادة بناء اقتصاد البلاد.
وقال بوتين خلال استقباله في الكرملين أمس رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «آمل أن يتمكن أصدقاؤنا اللبنانيون من حل مشاكلهم الداخلية مدركين مسؤوليتهم أمام الشعب اللبناني»، واعداً ببذل «كل ما في وسعنا من أجل دعم الشعب اللبناني في مجال إعادة بناء الاقتصاد، وتعمير منشآت البنى التحتية، وتطوير العلاقات الاقتصادية الدولية». وأشار الى أن «روسيا تابعت بقلق بالغ تطور الأحداث في أثناء النزاع بين إسرائيل ولبنان».
وحضر اللقاء الوزراء غازي العريضي وطارق متري وشارل رزق وسفير لبنان في موسكو الدكتور عاصم جابر، وقال بعده السنيورة إن: «لبنان حصل على دعم موسكو في مسألة تأليف المحكمة الدولية»، مؤكداً «أن الرئيس بوتين أعلن عن تأييده فكرة إنشاء محكمة دولية للتحقيق في جرائم القتل الكثيرة التي عاناها لبنان خلال فترة طويلة، وذلك دعماً لحق اللبنانيين بحل مشاكلهم بأنفسهم، وتأمين حياة كريمة لهم على أرضهم».
وأشار الى أن المرحلة التمهيدية من المحكمة الدولية ستشهد اختيار قاض لبناني واحد إلى جانب قاضيين أجنبيين، وسيكون هناك قاضيان لبنانيان ضمن قضاة الاستئناف الخمسة. وسيجري اختيار القضاة اللبنانيين على أساس اختيار المحكمة العليا 12 مرشحاً تُقدم أسماؤهم في ما بعد للأمين العام للأمم المتحدة ليختار 4 منهم حسب مقاييس دقيقة مؤكداً أن لبنان يعارض انضمام قضاة إسرائيليين إلى المحكمة الدولية.
وأكد السنيورة أن مسألة نزع سلاح حزب الله شأن داخلي وستحل على أساس الحوار.
وشدّد السنيورة على أن أي جهود تبذل من جانب البلدان العربية أو الدول الأخرى، بما فيها روسيا لتطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا ستساعد على تحسين الوضع في هذا المجال مؤكداً «سعي لبنان لتسوية جميع المشاكل في العلاقات مع سوريا عن طريق الحوار المفتوح، بصورة نهائية وليس سطحية».
وشدد على أن بيروت «لن تفوّت أي فرصة لبناء علاقات طيبة مع دمشق تستند إلى الاحترام المتبادل، وحل المشاكل التي تنشأ بين البلدين بهذه الروح بالذات»، وكرر مقولة «لبنان لا يحكم ضد سوريا ولا يحكم من سوريا»، معرباً عن استعداده لإجراء محادثات مباشرة مع سوريا وإيران بشرط احترام مصالح لبنان الوطنية.
وقال «نرغب في الجلوس إلى طاولة المحادثات مع أشقائنا السوريين والإيرانيين».
ورداً على سؤال، قال السنيورة إنه لم يناقش مع المسؤولين الروس إمكان توريد أنظمة دفاع جوي روسية للبنان وأشار الى أنه بعث في وقت سابق برسالة الى الرئيس الروسي تضمنت طلب مساعدة لبنان إعادة تسليح جيشه، موضحاً أن حوالى 25 ألف جندي لبناني بحاجة إلى مستلزمات عسكرية وإعادة تسليح.
والتقى السنيورة سكرتير مجلس الأمن الروسي إيغور إيفانوف وجرى البحث في سبل تطبيع الوضع في لبنان، العلاقات الثنائية بين البلدين. وأكد السنيورة بعد اللقاء أن روسيا ساعدت لبنان، ولا سيما من خلال دعمها لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 معتبراً أن مباحثات الجانبين تدل على الدور الإيجابي لروسيا كصديق وشريك.
كما التقى السنيورة بطريرك موسكو وعموم روسيا ألكسي الثاني، رئيس غرفة التجارة الروسية رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف، ورئيس مجلس المفتين لروسيا، رئيس مجلس الإدارة الدينية لروسيا وشرقي أوروبا الشيخ راوي عين الدين وحضر اللقاءات الوفد اللبناني المرافق .
ومن المقرر أن يغادر السنيورة موسكو اليوم متوجهاً إلى العاصمة الفرنسية باريس، على أن يعود إلى بيروت غداً الأحد.
من جهة أخرى أوضح السنيورة في حديث الى «وكالة أنباء الشرق الاوسط» ان زيارة موسكو كان متفقا عليها منذ عدة أشهر وقبل فترة الاجتياح الاسرائيلي، مشيرا الى «ان الزيارة مهمة باعتبار روسيا بلداً مهماً وعضواً دائماً في مجلس الامن».
وعن الوضع اللبناني اعترف السنيورة «بوجود هواجس لدى جميع الأطراف وان لدى البعض هواجس بأنه يجب ان يكون مشاركاً أساسياً»، موضحا انه هدف الى «طمأنة الأقلية وسعى الى توسيع الحكومة لمحاولة احتضان كل اللبنانيين»، وطرح صيغاً عدة لهذا الغرض «منها صيغة 19 وزيرا للأكثرية و9 وزراء للمعارضة ووزيران محايدان أو صيغة 19، 10، 1 بحيث تقضي بمشاركة الأقلية في القرارات الأساسية»، مشيرا الى تقدم في اتجاه الموافقة على هذا الطرح.
وفي مقابلة مع قناة «فرانس 24» قال السنيورة رداً على سؤال عما اذا كان يخشى على نفسه: «نظراً لكل ما حدث في الآونة الاخيرة، نعم، هناك خطر (على حياتي)»، مضيفاً «لكنه خطر أواجهه من أجل بلادي»، مشيرا الى انه «رجل مؤمن ومسلم تقي يؤدي صلواته الخمس كل يوم».
من جهته أكد الوزير رزق أن لبنان يعول على روسيا للعب دور تقاربي في حل الأزمة اللبنانية نظراً لعلاقاتها المميزة مع الجوار الإقليمي للبنان مثل سوريا وإيران معتبراً أن البعض ظلم روسيا في موقفها من المحكمة الدولية مستبعداً إمكان إدخال تعديلات على نظامها. ورأى أنه من المفترض أن يكون لبنان على اتصال دائم بروسيا وخصوصاً في هذه الفترة حيث يمر لبنان بأزمة كبيرة محلية لها امتدادات إقليمية، مؤكداً ثقته بأن موضوع المحكمة لا يمكن فصله عن الأزمة السياسية.
وعن سؤاله اذا كانت زيارة الوفد اللبناني إلى روسيا منسقة وموقتة قبيل زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو، قال «كلنا يعلم أن لروسيا علاقات مميزة مع الجوار الإقليمي للبنان مع سورياو إيران وخصوصاً أن لبنان لديه رغبة أكيدة في الاستفادة من هذه العلاقات المميزة بين روسيا وكل من سوريا وإيران لتذليل العقبات والمساعدة على حل الأزمة».