strong>إبراهيم عوض
السنيورة عاتب الموفد السوداني على حديثه التلفزيوني وطالب بألف اسم لاختيار الوزير الحادي عشر

«المعارضة أكثر ليونة من السلطة». بهذا الانطباع خرج الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والموفد الرئاسي السوداني مصطفى عثمان إسماعيل بعد المحادثات التي أجرياها مع الفريقين في بيروت، وفق ما أفاد به «الأخبار» السفير السوداني جمال محمد إبراهيم، الذي أشار الى حصول سبعة اجتماعات مغلقة بين موسى وإسماعيل من جهة وكل من رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس «كتلة المستقبل» النيابية سعد الحريري، لم يشارك فيها، لكنه اطلع على أجوائها من مبعوث الرئيس عمر البشير.
وكشف ابراهيم جوانب مما دار في اللقاءات التي أجراها المسؤولان العربيان مع عدد من قيادات الأكثرية والمعارضة. وشرح الملابسات التي رافقت عودة اسماعيل الى بيروت وجرعة التفاؤل التي اعطيت لمبادرته والتي سرعان ما تلاشت بعد عودته من دمشق ولقائه السنيورة. وقال السفير السوداني إن اسماعيل بعدما اودع النقاط الست التي طلع بها لحل الأزمة بين يدي السنيورة استمهله الأخير قبل الرد عليها. إلا أن الوقت طال فغادر الى دمشق السبت الماضي مبلغاً رئاسة الحكومة أنه حاضر للعودة فور إعلامه بذلك. «وهذا ما حصل الأحد عندما اتصل بي مستشار الرئيس السنيورة الدكتور محمد شطح طالباً رقم هاتف اسماعيل محاذراً إطلاعي على ما يريد، وطلب منه العودة الى بيروت للاجتماع مع الرئيس السنيورة بعد ظهر الاثنين».
وعن الاجتماع يوضح السفير السوداني أن رئيس الحكومة عاتب اسماعيل على ما ورد في المقابلة التلفزيونية التي اجرتها معه محطة «العربية» من دمشق عشية قدومه الى بيروت عندما أوحى بإمكان قبول كل الاطراف بالنقاط الست التي تضمنتها مبادرته. واعتبر السنيورة ذلك تسرعاً من المسؤول السوداني، الامر الذي حمل الأخير على الرد، مؤكداً ان القصد مما فعله اشاعة جو من التفاؤل لدى اللبنانيين الذين بلغته اصواتهم المتخوفة من انفجار الوضع، وقرأ في عيونهم الرغبة للعودة الى الوئام والصفاء وإنهاء حالات الاعتصام والتظاهر. ولفت ابراهيم الى ان اللقاء في السرايا لم يؤدِّ إلى نتيجة ملموسة، إذ فهم من السنيورة، الذي لم يفصح عن جوابه على المبادرة ان «للبحث صلة»، فيما اعلن اسماعيل انه سيواصل مساعيه الى جانب موسى.
وتوقف ابراهيم عند اللقاء الذي جمعه والمندوب الرئاسي السوداني مع الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله فوصفه بـ «الممتاز»، مشيراً الى ان «الصدق يلازم كل كلمة تصدر عن هذا الرجل القائد الذي تراه بعيداً عن المناورات والألاعيب السياسية. وقد لمسنا لديه حرصاً على نجاح المبادرة وعلى يد السودان بالذات التي تتولى رئاسة القمة العربية، معلناً موافقته على معظم الأفكار التي طرحها اسماعيل لحل الازمة، وقد حثه على المضي بها وبلورتها، وهذا ما حمل الاخير في ما بعد الى ترجمتها كتابة وتحديدها في النقاط الست الآتية:
1 ـ التأكيد على وحدة لبنان. 2 ـ الاتفاق على ايقاف التصعيد الاعلامي والمذهبي من قبل وسائل الاعلام. 3 ـ وقف المواجهات والتصعيد في الشارع. 4 ـ اعلان الموافقة على تأليف حكومة الوحدة الوطنية مع الثلث الضامن بضوابط وشروط يتم الاتفاق عليها. 5 ـ العودة الى طاولة الحوار برعاية الرئيس بري. 6 ـ تطرح للنقاش بالتوازي ليتم الاتفاق عليها: تفاصيل حكومة الوحدة الوطنية وموضوع المحكمة الدولية والانتخابات النيابية وانتخابات الرئاسة ومؤتمر باريس 3، وما يتم الاتفاق عليه يصدر في وثيقة سياسية يمكن تسميتها «ميثاق القوى السياسية اللبنانية» وتكون ملزمة للجميع موالاة ومعارضة.
وأكد السفير السوداني ان ما توصل اليه موسى يتناغم مع النقاط الست بعد ان اضاف اليها بعض التفاصيل كتحديده المدة التي سيباشر فيها فتح ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى ان الوزير الحادي عشر في حكومة الوحدة الوطنية يبقى المشكلة المستعصية على الحل حتى الساعة، وإن طرأ عليها بعض الحلحلة. وأوضح ان التفاهم على تشكيل لجنة سداسية لدرس مشروع المحكمة الدولية تمهيداً لإقرارها «تم بالفعل ويتوقع ان تنجز مهمتها حين تباشر بها في غضون يومين او ثلاثة على ابعد تقدير، يفتح بعدها الباب واسعاً امام تشكيل حكومة الوحدة الوطنية». اما في ما يتعلق بالثلث الضامن والوزير الحادي عشر فجرى التداول في اكثر من حل. اذ اقترح المندوب السوداني ان تتقدم المعارضة بخمسة أسماء مرشحة تعمد الاكثرية الى اختيار احدها، فيما رأى موسى رفع عدد المرشحين الى سبعة لتوسيع مجال الاختيار، أما السنيورة فتساءل لماذا لا تأتيه لائحة بألف اسم ليصار الى انتقاء احدها!
وذكر السفير السوداني ان مطالبة السلطة بتعهد خطي من المعارضة تحدد فيها الضوابط والشروط التي على الثلث الضامن التزامها ووجهت في البدء برفض من الرئيس بري الذي رأى الامر مخالفة للدستور، مؤكداً في الوقت نفسه ان التزامه الشفهي اهم من اي تعهد خطي، الا ان الامين العام لجامعة الدول العربية والموفد السوداني نجحا على ما يبدو في تليين موقفه من هذا المطلب.
وعزا ابراهيم عدم اجتماع موسى واسماعيل مع رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع الى وجود الأخير في الأرز، لافتاً الى ان ذلك لم يحل دون حصول محادثات هاتفية مطولة معه. ولم تفته الاشارة الى ان المبعوث السوداني يقف على مسافة واحدة من الجميع، وهو حريص على اعتماد الحياد الذي هو شرط أساسي لعمل الوسيط.
وعن رأيه الشخصي في تعاطي السنيورة والحريري مع المبادرة العربية، أجاب بأن لدى كل من الاثنين الكثير من «الخيوط» التي بإمكانها التأثير في مجريات الأمور، مشيراً في الوقت نفسه الى الدور الذي يؤديه جعجع في هذا الشأن.