strong>غسان سعود
يدخل اعتصام المعارضة في وسط بيروت أسبوعه الثالث اليوم، مواصلاً اجتذاب الحشود الشعبية على رغم ارتفاع برودة الطقس خصوصاً بدءاً من المساء.
واستضافت منصة رياض الصلح أمس مزيداً من الخطباء أبرزهم عضو المجلس السياسي في «حزب الله» الحاج غالب أبو زينب الذي رد على اتهام النائب سعد الحريري للمعارضة بأنها تتحرك وفقاً لأوامر ايران، متوجهاً اليه بالقول: «هل تريدنا أن نقول إن هذا الكلام جاء بأمر أميركي وإن كل هجوم تشنه علينا يخدم أميركا واسرائيل»، مؤكدأ أن المعارضة «تريد حكومة وحدة وطنية وشراكة سياسية حقيقية».
وقال: «لبنان الذي نريده هو وطن للجميع يأمن فيه أهله على مستقبلهم وليس فيه سارقون في الحكومة والدوائر. وطن الصادقين والصالحين الذين دافعوا عنه وحاربوا لأجله سواء على الحدود أو في الداخل ضد من يريده وطناً لفئة واحدة»، داعياً «السلطة الى عدم المراهنة على تعب الشارع لأن المعارضة ستحقق كل أهدافها، وإن غداً لناظره قريب».
من جهتها، أكدت المسؤولة الاعلامية في تيار المردة الزميلة فيرا يمين أن «المعارضة تؤيد المحكمة الدولية وتريد مناقشتها لتصادق عليها»، متسائلة «هل باتت المشاركة انقلاباً؟». أضافت: «هم وقودهم الطائفية ويحاولون إلغاءنا لأنهم لا يدركون أننا في الارض منغرسون».
ومع بداية الأسبوع الثالث للاعتصام، توسعت رقعة الخيم التي قررت اللجنة المنظمة أساساً ألا يزيد عددها على 500، لتصل الى 1202 خيمة. ولوحظ أن فوضى اليومين الأولين تكاد تتلاشى، مع التزام الأحزاب المساحات المخصصة لها، فيما يجمع المنظمون على حسن سير الأمور وتطور قدرة المخيم على اجتذاب المواطنين بصورة تصاعديّة. ويؤكد هؤلاء أن الكلام على تراجع المشاركة الشعبية يهدف إلى التضليل الاعلامي.
ويسخر المعتصمون من اتهام إعلام السلطة وسياسييها لهم بمحاصرة السرايا، فيما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة خارج لبنان. الا أن هؤلاء يؤكدون أن غياب السنيورة لا يؤثر في حياة المعتصمين وضيوفهم، خصوصاً مع بدء المنظمين خطوات تخرج المخيم من روتينية اليومين الماضيين. ويسجل في هذا السياق، نصب خيم جديدة، إحداها تحمل اسم «خيمة النقابات والمهن الحرة» ستشهد يومياً حلقات نقاشية لنقابيين يروون وجوه الخلل والفساد في مصالحهم. أما خيمة «الصالون الثقافي السياسي» فأعدتها اللجنة المنظمة لاستقبال أساتذة جامعيين يعرضون مواضيع سياسية واجتماعية واقتصادية. وتعقد داخلها يومياً ندوات فكريّة. فيما «خيمة تعطيل الدستور» تحولت إلى ملتقى لسيدات من الأحزاب المعارضة.
ووسط الخيم برزت شعارات جديدة، من بينها: «ستسقط الحكومة بنصر الله وعونه»، و«يلّي صمد تحت سقوط القنابل الذكيّة، يصمد حتى سقوط الحكومة الغبيّة». أما شجرة العيد في ساحة رياض الصلح، قبالة السرايا، فعُلّقت عليها شعارات كثيرة أبرزها «لا نريد أن يحكمنا محكوم»، «بيّك فقير بتطلع فقير، بيّك وزير بتطلع وزير، صار لازم نغيّر هالمعايير». وإلى جانب نشاط اللجنة التنظيمية المركزية، بدأت الأحزاب المشاركة في المخيم إعداد جدول نشاطات للأيام المقبلة. وكشف أمين سر التيار الوطني الحر أنطوان مخيبر، أن قوى المعارضة ستطلق الثالثة عصر اليوم عشرات آلاف البالونات تحمل ألوان العلم اللبناني. وسيشارك في نشاط ساحة الشهداء الذي سيحمل عنوان «تمنيات» أطفال تتراوح أعمارهم بين التاسعة والثالثة عشرة. وعند الرابعة، سينصب التيار شجرة عيد في ساحة الشهداء، يبلغ طولها 15 متراً ستطغى عليها الزينة البرتقالية. وستمثّل إضاءة الشجرة انطلاقة لبرنامج عيد الميلاد في ساحة الشهداء، الذي يعدّه تيارا الوطني الحر والمردة بالتنسيق مع الأحزاب الأخرى. وعُلم في هذا السياق أن نشاطاً يتعلق بالميلاد، روحياً أو اجتماعياً، سيُقام كل مساء. وأكد مخيبر نقل التيار للاحتفال الذي كان ينوي تنظيمه لمناسبة عيد الميلاد في مجمع ميشال المر الرياضي إلى ساحة الشهداء. وسيشارك فيه خمسة آلاف طفل مع امهاتهم. كذلك يُعدّ التيار ريسيتالاً ميلادياً يتضمن تراتيل بقيادة عبده منذر ليلة الميلاد. ويحضر حزب الله والتيار نشاطا خاصاً بعيدي الميلاد والاضحى، يُشارك فيه حشد من عائلات الطرفين. ويؤكد مخيبر أن النشاطات الاجتماعية لن تكون على حساب استمرار الحركة السياسية التي ستعلن اللجنة التنظيمية عنها بوضوح خلال اليومين المقبلين.
إلى ذلك، يسعى كل حزب إلى جذب القوى الأخرى نحو خيمه لإجراء الحوارات. ويُسجل نجاح لافت للحزب السوري القومي الاجتماعي في هذا السياق. خصوصاً بعدما كان سبّاقاً في وضع معرض للصور التي تبدل يومياً جاذبة بذلك جمهوراً كبيراً. ويوضح المسؤول عن المخيم في الحزب فراس فرنسيس، أن الحزب سيستضيف في خيمته الرئيسية ضيفاً واحداً يومياً.
الخروج من المخيم، بعد أسبوعين، يزداد صعوبة بعدما بات أشبه بالبلدة التي يصعب فراقها. هنا الأصدقاء، الرفاق، والحلفاء. هنا الشعارات، الأغاني، الردّات، والنار التي تجمع العشرات حولها. هنا بائعو الكعك، «العرانيس»، و«غزل البنات». هنا الثورة التي يصعب الخروج منها والعودة إلى روتين المنزل. هنا الساحة، الشعب في الشارع، قبل الأعياد وبعدها، كل يوم هو عيد.