الهرمل ــ رامي بليبل
ألو، ألو، حتى ينقطع النفس، ومن تتصل به لا يسمعك رغم أنك تسمعه «يبربر»، ظاناً أن مشاكساً «يزنخ»، وفي النهاية ينقطع الخط. فتعيد الكرّة وتتّصل به ثانية وثالثة ورابعة، لكن من دون جدوى. وهنا تنتبه إلى أن ما بقي لديك من «دقائق ووحدات» شارف على النفاد قبل أن تنتهي مدة صلاحية «الكارت»، ويحين وقت «تشريجه» من جديد. حينها تفضّل أن تضع هاتفك الخلوي في بيته عند خاصرتك، وتهرع إلى حيث يوجد هاتف ثابت لتجري مخابرتك. والويل إن كنت على الطريق بين بعلبك والهرمل، وتحديداًً في منطقة «الشرقي» أو في ضواحي بلدة القاع الحدودية أو في قلب البلدات المنتشرة على الحدود اللبنانية وحتى عمق مئة وخمسين كيلومتراً، فإن مخابرتك حتماً لن تتم و«إلك اللّه».
هذه مقدمة لقصّة واقعية تجري أحداثها في القرى البقاعية الشمالية. والقضية هي أنه بعد أن قامت وزارة الاتّصالات بتخفيف موجات الإرسال في الهواتف الخلوية بحجة منع التنصّت وتشابك الاتصالات بين لبنان وسوريا، بات البقاعيون في بلدات القصر، حوش السيد علي، الكواخ، الهرمل، القاع، رأس بعلبك، الفاكهة، العين، النبي عثمان، وشريط البلدات الممتدّ على سلسلة جبال لبنان الشرقية، يعيشون تحت رحمة موجات الإرسال. فإذا كانت جيدة عند الظهر، فإنها حتماً سيئة للغاية بعد الظهر. وإن استطعت أن تسمع ويسمعك من تتصل به، فإنك ستفقد الاتّصال بعد عشر ثوان، وخصوصاً لدى مشتركي شركة (ألفا) التي تقرّ بالمشكلة ولا تعمل على حلها، إذ يشير مصدر في الشركة إلى أن السبب عائد لعدم دفع الوزارة تكاليف التصليح المطلوبة.
أهالي البقاع الشمالي المستثمرون للهواتف النقالة، ولا سيما في بلدة الفاكهة، اتّخذوا قرارهم وبدأوا يعدّون ملفّاتهم الخاصّة لرفع دعاوى لدى المحاكم المختصة ضد شركتي الهاتف الخلوي «ألفا» و«أم. تي. سي» لسوء خدماتهما وانعدامها في الفاكهة والقصر، ما يكبدهم خسائر مادية كبيرة تارة لكثرة «التشريج» مع عدم الاستفادة من الوحدات، وطوراً لسوء التواصل مع أعمالهم، فضلاً عما يمثله الانقطاع من أزمة في التواصل بين أفراد العائلة الواحدة.
ويؤكد المحامي فراس علام «أن هناك مراجعات من الأهالي بشأن رفع دعاوى وسلوك الطرق القانونية نتيجة لما يترتب على الشركات المستثمرة للخلوي وتحديداً «ألفا» من واجبات، ولا سيّما أن للمواطن حق الاستفادة من وحدة المخابرة كاملة التي تبلغ 45 ثانية، وخصوصاً أنّه يدفع ثمنها، وفي هذا إخلال ببنود العقد المبرم مع الشركات.
ويقول أحد المواطنين: «استبشرنا خيراً عندما وجدنا سيارات الشركات في المنطقة. لكننا فوجئنا بأنها كانت لأمر غير التصليح، وباءت آمالنا بالخيبة».
ما من ضريبة تدفع في موعدها كضريبة الاتصالات. وما من فاتورة تسدد في موعدها، وأحياناً قبل موعدها، كما تسدد فواتير الهاتف الخلوي. والسؤال هو: أليس من حق مَن يقوم بواجباته على أكمل وجه أن يحصل على حقوقه، ولا سيما أنّ متطلباته بديهية وتتمثّل بقيام هذه الشركات بتقوية إرسالها وإعادته كما كان سابقاً، علماً بأن ذلك لن يكلفها شيئاً سوى اتخاذ القرار وتنفيذه؟