برلين ــ ثائر غندور
من هو ميشال عون؟ تسأل محرّرة الصفحة الثانية في جريدة Der Tage Sspiegle، ومع ذلك تصرّ على استخدام عبارة حزب الله للدلالة على المعارضة اللبنانية. في المقابل تُصدم زميلة لها حين تعرف أن عون متحالف مع حزب الله وتقول: «أليس عون مسيحياً؟».
فميشال عون غير موجود في حسابات الصحافة الألمانية، ولا في حسابات مراسليها وعدد من المتخصصين في شؤون الشرق الأوسط. فـ Matthias Gebure، مراسل المجلة الإلكترونية المعروفة spiegle online، كتب عن حالة المسيحيين في لبنان بعد اغتيال الوزير بيار الجميل دون ذكر العماد عون. فهو يرى أن حزب الكتائب وحلفاءه هم من يمثلون المسيحيين. أما المعارضة فهي شيعية بامتياز، يمثلها حزب الله ويقودها «الشيخ حسن نصر الله المتوهّم أنه ربح حربه ضد إسرائيل». معارضة موالية لسوريا برأي زميله «داريل ليندسي»، الذي يصف التوتر في لبنان بين «حكومة مناوئة لسوريا وحليف سوريا حزب الله الشيعي». ويعبّر «ليندسي» عن خوفه على النائب سعد الحريري «الذي أعلن أن سوريا مسؤولة عن اغتيال الوزير بيار الجميل، ما يضعه على قائمة الاغتيالات».
وإذا كان صحيحاً أن الملف اللبناني معقّد، فإن الصحافة الألمانية لا تبذل جهداً للاطلاع على تفاصيل هذا الملف. ويشير أحد الصحافيين الفرنسيين الذي يعمل في إحدى المجلات الألمانية إلى أن الصحافيين هنا يعتمدون على ضعف ثقافة واطلاع القارئ الألماني من جهة، ولا يسعون إلى تطوير معرفتهم في تفاصيل الوضع اللبناني من جهة أخرى. ويؤكد أن وسائل الإعلام الألمانية كما الأوروبية تسعى لنقل الصورة ببساطتها، فتراها تلجأ لاستقبال النائب وليد جنبلاط بعد أي حادث أمني أو خضة سياسية، لأن جنبلاط يتوجه إلى المشاهد بعبارات بسيطة من نوع: «النظام المجرم في سوريا هو من اقترف الجريمة».
ومقابل هذا «التسطيح» للمعلومة، تجد أن «مطبخ الأخبار» يفرض عبارات قد تبدو بسيطة بالنسبة للصحافيين، لكنها تعتبر «مفتاح الحقيقة». فتجادل إحدى الصحافيات في عدم وجود أي فرق بين كلمتي: «المقاومة وحزب الله». وعندما تحاول إظهار أن حزب الله هو أهم فصيل مقاوم، لكنّ آخرين قاوموا قبله... تصرّ على موقفها باستبدال كلمة المقاومة بحزب الله الشيعي.
واللافت أن الأحكام المسبقة في الموضوع اللبناني تتلاقى مع عقدة الذنب تجاه إسرائيل. فلا يمكن لأحد اسمه جورج أن يقاتل إسرائيل، حتى لو كان جورج حاوي مطلق جبهة المقاومة الوطنية، وكأنهم يحتمون «بحقائق» من نوع أن «الشيعة» يريدون رمي إسرائيل في البحر لأهداف سورية ــ إيرانية! وباقي اللبنانيين يحاولون الخروج من هذا الواقع وعقد سلام مع إسرائيل ـ التي لا أطماع لها في لبنان ـ لكن السوريين وحزب الله لا يسمحان بذلك. يقنعون أنفسهم بحقائق من نسج خيالهم حتى لا يضطروا إلى القول إن إسرائيل دولة مجرمة أو معتدية.