ربى أبو عمّو
...وانتهت التجربة بالنسبة لِروان هاشم، وبقيت خلاصتها. روان إحدى طالبات كلية الإعلام ــ الجامعة اللبنانية، التي تم اختيارها للمشاركة ضمن «برامج التبادل للطلاب» الممولة من وزارة الخارجية الأميركية، بالتعاون مع السفارة الأميركية في لبنان (في ما يخص الطلبة والأساتذة اللبنانيين). المشاركة التي أتاحت لها اختبار المجتمع الأميركي، لكن أيضاً العربي من خلال مشاركين تم اختيارهم من دول عربية مختلفة.
لا تقتصر البرامج على إرسال تلاميذ من مختلف الجامعات اللبنانية (وبلدان أخرى)، للتعرف إلى تاريخ الولايات المتحدة الأميركية وثقافتها، وورَش عمل حول «القيادة» ضمن عنوان «Mepi program». فيعرض المسؤول الثقافي في السفارة الأميركية في لبنان «ريان جليها» برامج أخرى مثل «fulbright program»، وهو الأطول (6 أشهر)، حيث يصار إلى إرسال أساتذة لتطوير خبراتهم والحصول على «دكتوراه»، وآخر لحصول الطلاب على «الماجستير». وهناك برنامج مختلف يتعلّق بـ«حل النزاعات»، حيث يرسل نحو خمسة تلاميذ من لبنان كل سنتينوالهدف من هذه البرامج، كما يقول ريان جليها، والتي بدأت منذ الأربعينيات، هو أولاً تحقيق الخبرة للّبنانيين الذين يتمّ اختيارهم للمشاركة. أمّا الهدف الثاني فيتجلّى في ممارسة اللبنانيين دور «السفراء» لبلدهم وثقافتهم في الخارج. ويعود هذا الدور بالفائدة على الشعب الأميركي، إذ إن قلة من الأميركيين (أقل من 30%) يسافرون خارج حدود ولايتهم، وبالتالي يفضلون نقل ثقافات البلدان الأخرى إليهم. أما عن عدم إرسال الأميركيين أنفسهم إلى لبنان، فيتعلق الأمر بـ«أسباب أمنية»، كما يقول «جليها». ومن المتوقع أن يبدأ تفعيل هذه الفكرة ابتداءً من السنة المقبلة. وهذا لا ينتقص من أهمية الهدف الثالث الذي يقول «جليها» إنّه نقل الثقافة الأميركية إلى لبنان عبر اللبنانيين، موضحاً أن ثقافة الأفلام والموسيقى هي جزء يسير من الثقافة الأميركية، تماماً كما «لا نستطيع حصر الثقافة اللبنانية بـ«star academy» على سبيل المثال».
صور وذكريات ما زالت ترافق روان هاشِم التي شاركت ضمن الـ«Mepi program». وتقول: «إنها التجربة الأهم في حياتي». الجزء الأول من البرنامج كان التعريف بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية. وكثيراً ما كان يتخلل المحاضرات نقاشات بشأن الصراع العربي ــ الإسرائيلي، المجازر التي ارتكبت بحق اليهود، الإرهاب، والسياسة الأميركية تجاه المنطقة. زارت روان أكثر الأماكن أهمية في الولايات المتحدة الأميركية: الكونغرس الأميركي، البيت الأبيض المحكمة العليا، المسارح والمتاحف، بورصة وول ستريت.
أمّا الجزء الثاني من البرنامج فانحصر في الحياة المدنية وكيفية الوصول إلى مركز القيادة في أي مجال، وتحديد الوسائل التي تساعد على التغيير في المجتمع وكيفية تدعيم المجتمع المدني، وتأسيس الجمعيات. ومن الأعمال التطبيقية كان الانخراط بنشاطات بيئية وخدماتية.
الصيف بالنسبة لِشادي حلاب، طالب إدارة الأعمال في جامعة البلمند ــ طرابلس، كان مغامرة من نوع آخر. إذ تم اختياره وأربعة لبنانيين آخرين، من بين 850 طالباً للمشاركة أيضاً في الـ«Mepi program». تحدث حلاب عن مقابلته، إضافة إلى 20 طالباً من 15 دولة عربية، مجموعة من الشخصيات المهمة في الولايات المتحدة الأميركية، والتي أدّت دوراً أساسياً في صنع تاريخ البلد. وأخذت بعض الشخصيات كحالات دراسة، للاستفادة من دورهم. لم يشعر حلاب بأية محاولة لتعزيز الوجه «الجيد» لأميركا في أذهان الطلاب، وتبين ذلك في زيارتهم لأماكن البؤس، كما لأماكن الرفاهية، على أساس أن «أميركا ليست كاملة»، كما قال أحد المدربين.
النقاشات كانت مفتوحة للتعبير عن جميع الآراء، وخصوصاً في ظل الحرب الأخيرة التي تعرّض لها لبنان. كان التركيز على إظهار الوجه الحقيقي لأميركا، كما قال شادي. إلا أن بعض الطلاب العرب، ذكروا أن بعض المواطنين الأميركيين، تذمروا من الضرائب الكثيرة التي تأخذها الحكومة من الشعب الأميركي لتأمين نفقات هذه البرامج التي تهدف إلى تقريبهم من السياسة الأميركية.