قوة لبنان إقليمياً
  • جود حاتم حيدر

    بالعودة إلى صمود المقاومة وسلاحها وإفشال العدوان الاسرائيلي في تحقيق أي من أهدافه، يمكن القول ان لبنان قد برز قوة ذات تأثير في ملفات إقليمية، فكيف الحال في ما يخص قرارات في ملفات داخلية. وهنا أيضاً يمكن القول ان غياب لبنان عن تقرير بيكر ــ هاملتون ليس إغفالاً عن تدوين هزيمة للمشروع الأميركي في هذه المرحلة بل تأكيد على التنازل الأميركي عن ملف لبنان الى الدول المشاركة في ضمان حالة الاستقرار في الجنوب كقوات اليونيفيل. ومن المعروف ان هذه القوات تستند الى القرار 1701 في تنسيقها مع الجيش اللبناني الذي بدوره ينفّذ القرار السياسي «الحكومي». وليست تصريحات وزراء خارجية كل من مصر وسوريا والسعودية وايران وغيرها من الدول من أن حل الأزمة لن يكون إلا داخلياً ولبنانياً، استطراداً بل هي تأكيد لاستقلالية القرار. لبنانياً؟ لا بد من الدخول في صلب الموضوع، وللأسف، ما زلنا نعيش حالة توازن يسمى العيش المشترك القائم على المناصفة ضمن المثالثة (حق الفيتو للطوائف الثلاث)، فالمناصفة أعطت طائفة الروم الأرثوذوكس (الرابعة عددياً) ثلاثة مقاعد في هذه الحكومة، فأحدهم استقال والثاني استمر والثالث (وزيراً للدفاع) قبع تحت غطاء المطران عوده، الذي اضطر إلى ان يتجهّم للمرة الأولى أثناء عظته يوم الأحد موضحاً أن الطائفة الأرثوذوكسية لن تُتّهم بمساعدة أحد على استعمال حق الفيتو. وكذلك الطرف الدرزي الممثل حصراً في الحكومة مرتبط سياسياً برئاسة الحكومة ما يعطي رجاحة سنية على الشيعة، إلا أن الشيعة تخلوا عن المشاركة في حكومة لا ترعى العيش المشترك وأعطوا المعارضة دفعاً لن يتوقف مؤكدين حقهم في استعمال الفيتو. بغياب الوزير والنائب بيار الجميل، الشاب الواعد في طائفته وحزبه المتمايز مسيحياً، أصبح الانقسام المسيحي حاداً بين الموالاة والمعارضة للحكومة، وأصبح الوزير شارل رزق، علماً بأنه لا يستند الى قاعدة شعبية أو كتلة نيابية، ملزماً بالقبوع تحت غطاء البطريرك صفير، وعلماً بأنه قد نصّب وزيراً لرئيس الجمهورية اللبنانية المطالب يومياً بتأليف حكومة وحدة وطنية. فالعقدة والحل في يد الطائفة المارونية بامتياز وباعتراف اقليمي ودولي.


    أعيدوا حساباتكم

  • ريمون هنود ــ جونية

    إن الصراع السياسي الذي يشهده لبنان والذي ينذر بعواقب وخيمة هو أمر واقع مرير ومؤسف. فالمراقب والمحلل اللبناني، فلا ريب أنه أمسى متأكداً بأمّ العين أن الصراع هو طائفي بامتياز وأن أطرافه قاطبة مصابون بمرض الذعر والهلع «Panic»، فكل طرف مذعور من الآخر. فالرئيس السنيورة يقول إن فريق الثامن من آذار يسيطر على رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ويودّ السيطرة على رئاسة الحكومة، والدكتور جعجع قال منذ قرابة الشهر في مقابلة تلفزيونية إنه يرى لبنان في قبضة جيش المهدي وفي ولاية الفقيه، وفريق الثامن من آذار يقول بأن فريق الرابع عشر من آذار يأتمر من السفارات الأجنبية السائرة في مخطط الشرق الأوسط الجديد، ويؤكد ضلوعه في هذا المخطط وبأن الحكومة السنيورية تآمرت على المقاومة في بداية عدوان تموز.
    المهم في الجوهر أن نكون عقلانيين ومنطقيين لأن العاقل والمنطقي هو الذي ينصف الحق بإدراكه أن الكيان الصهيوني الغاصب، الذي هو بمثابة الولد المدلل لبلاد العم سام، يتربص شراً بوطننا وأمّتنا جمعاء، ولا أحد يمكنه نكران أطماع هذا الكيان من خلال سياساته التوسعية في المنطقة ونياته الخبيثة المبيّتة على قاعدة «فرق تسد»، وأن هواجس البعض من الهلال الشيعي وجيش المهدي وولاية الفقيه هي من نسج الخيال لا تمتّ الى الواقع بصلة. وقد سبق للمرشد الروحي لحزب الله السيد محمد حسين فضل الله أن دحض بعض هذه المزاعم في أواسط وأواخر التسعينيات من القرن الماضي في أكثر من محاضرة له وبالذات في جامعة الكسليك. إذاً وجب على البعض من أبناء الطائفة العربية الكريمة إعادة حساباتهم والقيام بنقد ذاتي صائب لتستقيم الأمور، ولا أحد ينكر على الرئيس السنيورة وفريقه عروبتهم ولا أحد يزايد عليهم. والواقع السليم أن أبناء هذه الطائفة العريقة المناضلة هم أحفاد صلاح الدين وأبناء القائد المعلم الخالد العملاق جمال عبد الناصر، وهذه الطائفة قاومت منذ القدم الاستعمار والجور والظلم. إن الأمل كبير في تجاوز هذه الأزمة. فلنتوحّد ولنعمل معاً على مقاومة الهجمة الإمبريالية الصهيونية الشرسة بالذود عن حياض الوطن والأمّة، والخروج من الخناددق الطائفية والعمل على إلغاء الطائفية السياسية والسعي الدؤوب لبناء لبنان العربي العلماني الديموقراطي.