عمر نشابة
كان من المفترض أن تستضيف الزميلة مي شدياق في سياق برنامج تلفزيوني بعنوان «بكلّ جرأة» ليل أمس الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية المستقلة القاضي ديتليف ميليس. وكان من المفترض أن يتحدّث ميليس «بكلّ جرأة» عن جريمة اغتيال الحريري ومجريات التحقيق والمحكمة الدولية. وكان متوقّعاً أن يستعيد ميليس الكلام الذي أدلى به سابقاً لجريدة «الشرق الأوسط» والذي أعرب فيه عن ثقته بأن «سوريا وراء اغتيال الحريري»، فتتحوّل الحلقة التلفزيونية إلى هجوم سياسي على سوريا قبل انتهاء التحقيق الدولي وقبل انعقاد المحكمة...
ميليس قاضي تحقيق لا يمانع الإطلالات الإعلامية حتى وإن كان كلامه يؤثر على المناخ السياسي العام بشكل سلبي ويزيد الاحتقان بين أبناء بلد غير بلده... أما ما هو أخطر من ذلك، فهو تأثير مقابلات ميليس الصحافية على التحقيق نفسه. فالتقرير السادس للجنة يشير إلى فرضية أنه «استخدمت دوافع تبدو واضحة من قبل الضالعين في الاغتيال كغطاء مناسب، مع وجود قصد دفع أفراد آخرين إلى واجهة الاتهام» (الفقرة 59). بينما تعتبر ثقة رئيس لجنة التحقيق السابق العلنية بمعرفة هوية القاتل قبل ختم التحقيق وسيلة قد يختبئ وراءها القاتل الحقيقي ويفلت من المحاكمة، بينما يهلّل أعضاء مجموعة سياسية معيّنة بـ «نصر» سياسي دولي وإقليمي.
قد يكون مفيداً في هذا الإطار مراجعة المبادئ القانونية، وخصوصاً بعد مشاهدة فيلم قصير تبثه المؤسسة اللبنانية للإرسال عن الشهود والقاضي، إذ يتجاهل مخرج الفيلم الأسس.
إن المعايير القانونية لا تسمح بتقديم أدلّة إلى المحكمة إذا لم يستحصل عليها القضاء بطريقة مهنية وقانونية. كما أن تلك المعايير لا تعتبر الخبر المنقول (HEARSAY) بقيمة الخبر المشهود مباشرةً.
المحاكمة السليمة تتبع معايير ومنهجية توصلها إلى تحقيق العدالة والكشف عن الحقيقة. المطلوب إعلام يساهم في تعميم
تلك المعــــايـــير، فــــهل تستـــجيب
الـ«ال بي سي»؟