أحمد فرحات
«هل نحتاج في لبنان الى كتابة تاريخ موحّد؟» ليس بالضرورة، يجيب المؤرخ الدكتور فواز طرابلسي، موضحاً إشكالية فرض سرد تاريخي موحّد في لبنان حيث تهيمن نظرة واحدة للتاريخ، فيما مهمة التاريخ النقدي هي اتّباع منهج علمي في تقصّي الحقائق وإنتاج المعرفة.
موقف طرابلسي جاء خلال محاضرة نظّمها نادي حقوق الإنسان والسلام في الجامعة الأميركية في بيروت حول «صعوبات كتابة التاريخ اللبناني».
وبعدما طرح طرابلسي محاولات إنتاج كتاب تاريخ موحد، لفت الى أن السمة العامة تركزت حول بناء سرد تاريخي أيديولوجي ينطلق من مصالح سياسية معينة. ورأى أن مهمة المؤرخ النقدي في لبنان هي دحض البنى الأسطورية وتبنّي نظرة نقدية للتاريخ وتوخّي الحذر في معالجة «المسألة المكانية» عند كتابة تاريخ بلد توحد في عام 1920.
ثم انتقل طرابلسي الى الحديث عن مسألة الهوية في تاريخ لبنان، مشيراً الى وجود ثلاثة تيارات متنازعة فينيقية وسورية وعربية، وإن كان لا يحبّذ مفهوم الهوية، إذ إن التاريخ يرتبك بالزمن، بالمتغيرات، بالاستمرارية والانقطاع، فيما الهوية مفهوم ثابت له أصل ومحتوى مطلق معيّن.
من هنا، يرى طرابلسي أن قضية الهوية لا تهم المؤرخين بقدر ما تعني المنظّرين في الجذور الأسطورية للبنانيين.
وتطرق المؤرخ الى تحوّل طروحات معينة الى ثوابت في تاريخ لبنان. ففي الوقت الذي يُعدّ فيه جبل لبنان ملاذاً تاريخياً للأقليات (هرباً من الفتوحات الإسلامية)، ثبت تاريخياً أن لجوء الموارنة الى جبل لبنان كان هرباً من الاضطهاد البيزنطي.
وانتقد طرابلسي إحاطة بعض الشخصيات التاريخية بهالة كتقديم الأميرين فخر الدين وبشير الشهابي على أنهما قائدان عصريان.
وقال: «إن التاريخ اللبناني مبني على فرضية أن لبنان مجموعة طوائف، فتغيب الدراسات التأريخية ــ الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وأي فكرة للاقتصاد السياسي، ويهيمن تاريخ الطوائف على ما عداه من أشكال التأريخ، والأسوأ من ذلك أنّ حتى كتابة تاريخ لبنان من هذا المنطلق تتحول الى تسوية بين التأريخيات المختلفة للطوائف اللبنانية.
وخلص الى التأكيد أن إنتاج تاريخ أفضل من إنتاج أسطورة مشتركة.