البقاع ــ أسامة القادريوعفيف دياب

التلوّث وصل إلى «الخطّ الأحمر»... وإجراءات الحماية بحاجة لمن يحميها!

أصبح نهر الليطاني ومعه بحيرة القرعون عنواناً «دسماً» للتلوث في لبنان. وكانت إجراءات وقائيّة عدّة قد اتّخذت في هذا المجال، لكنّ فشلها أدّى إلى تفاقم الأزمة. وأخذ هذا الفشل يتصاعد ليصبح «كارثة» بيئيّة باتت تهدّد الثروة المائية في حوض النهر العلوي، وصولاً إلى حوضه السفلي (من سد القرعون إلى مصبه) الذي كان يُعَدُّ محمياً (نسبياً) من التلوث الذي بدأ يتصاعد نحو الخطوط الحمراء.
القعر المفتوحويقول عبود أن شبكات الصرف الصحي انطلقت من المدن والقرى الواقعة على ضفتي النهر، و«حدث هذا الأمر بعشوائية، فنفذت الشبكات من دون بناء محطات تكرير، ولم تجر دراسات جغرافية لها». ومن الأمثلة الفاضحة على ما يقوله عبود إقامة محطة تكرير للصرف الصحي في بعلبك، ولكن من دون شبكة مجاري، فأصبحت المحطة قديمة ومهترئة ورديئة، إضافة إلى مد شبكات في قضاء زحلة من دون بناء محطة تكرير واحدة، فلا بعلبك استفادت ولا زحلة، وبالتالي دفع الليطاني ثمن هذه الفوضى الرسمية.
الصرف الصناعي
وتُعَدُّ المصانع المنتشرة على طول وعرض حوض الليطاني ونهره مصدراً «حيوياً» جداً لرفد الليطاني بالملوثات الأشد خطورة.ويقول عبود: «إن الصرف الصناعي هو من المصادر الأساسية لتلوث الليطاني وبحيرة القرعون».
عشرات المصانع والمعامل تصب كل «ملوثاتها» في مجرى نهر الليطاني الذي تحول إلى مجرور في الهواء الطلق. دعاوى قضائية عدة قدمتها مصلحة الليطاني، وهي تنتظر ان يبت القضاء بها ووضع حد لملوثاتها. يعدد عبود عشرات مصادر التلوث ومنها على سبيل المثال: معامل الألبان والأجبان وأمصالها، ومعامل تصنيع الكونسروة، مزارع الدجاج والأبقار والخنازير، نفايات المستشفيات، إضافة إلى مكبات النفايات المنتشرة على ضفاف النهر وروافده.
وإضافة إلى كل ذلك، هنالك الاستعمال العشوائي للأسمدة والمبيدات الزراعية الذي يُعَدُّ عاملاً أيضاً في «زراعة» التلوث. فالإفراط في استعمال هذه الأسمدة في سهل البقاع ألحق الأذى بالمزارع والزراعة، وتالياً بالتربة فالمياه الجوفية والسطحية.
البحيرة تقاوم التلوث
التلوث الذي يجري في نهر الليطاني ينتهي في بحيرة القرعون. هذه الملوثات المختلفة المصادر والمكونات تتخمر في البحيرة وتصنع تفاعلاً كيميائياً بشعاً جداً. فالبحيرة تتغذى بحوالى 300 مليون مكعب من مختلف أنواع المياه في السنة، وتتوزع هذه الكمية على النحو الآتي: ما بين 30 و35 مليون م.م. مياه صرف صحي وصناعي، وأكثر من 250 مليون م.م. مياه أمطار وذوبان ثلوج. ونسبة التلوث في بحيرة القرعون، حسب عبود، متدنية جداً، و«مهما اشتدت خطورتها في البحيرة تتكفل الكميات العذبة من المياه مقاومة التلوث».
ويقول المهندس عبود إن: «التفاعل الكيميائي موجود ونسبته واحد على عشرة، وقد ترتفع هذه النسبة إذا لم نقم بقمع مصادر التلوث المختلفة، وبالتالي لا نستطيع القول إننا وصلنا إلى الخط الأحمر، لكن إذا استمر الوضع على ما هو عليه من ضخ الملوثات، فإننا نقترب من الخط الأحمر، وعلينا ألا ننام على حرير».
معالجة وحلول
يدعو عبود إلى وضع مخطط توجيهي حقيقي وفعلي لا «حبراً على ورق» لمعالجة مشاكل حوض الليطاني العلوي والسفلي. وتتلخّص أبرز خطوات المعالجة التي يجب القيام بها لإنقاذ الليطاني أو ما بقي منه بنقاط خمس: إنشاء هيئة وطنية عليا تعنى بشؤون التلوث ومكافحته وتضع المعايير التي يجب تطبيقها، وتكون هي المرجع الرسمي المخوّل إعلان تلوّث المياه أو عدمه، ووضع وحدة مقاييس للتلوث. ثانياً، إلزام المعامل والمصانع القائمة في حوض الليطاني وضع محطات معالجة على مخارج ملوثاتها. ثالثاً، عدم إعطاء تراخيص عمل لأي معمل أو مصنع إلا بعد تركيب محطة معالجة حسب المواصفات الفنية. رابعاً، وضع مخطط توجيهي للصرف الصحي والانتهاء من هذه الفوضى وإقامة محطات تكرير فعلية وتنفيذ المحطات المقررة. وأخيراً، إنشاء غرفة للتحكم والاستشعار عن بعد لمراقبة مدى التزام المصانع والمعامل الشروط البيئية.