البقاع ــ عفيف دياب
يشهد البقاع توترات أمنية متنقّلة بين منطقة وأخرى، كان آخرها الحادث الأمني الذي وقع بعد مهرجان تيار «المستقبل» في بلدة عرسال الجمعة الماضي، والذي أدى الى «صب الزيت على النار» كما قال أحد نواب المنطقة لـ«الأخبار».
فالأحداث الأمنية التي شهدتها المنطقة منذ ظهر الجمعة الماضي وحتى ظهر أمس، انعكست سلباً على الحياة اليومية لأهالي عرسال والقرى المحيطة، بحيث أصبح «العراسلة» أشبه ما يكونون في جزيرة معزولة عن محيطهم بعد إقدام أهالي بلدة اللبوة أمس على منع تجار عرسال من فتح أبواب مؤسساتهم التجارية في اللبوة التي تعتبر المنفذ شبه الوحيد لأهالي عرسال الى بقية لبنان. في وقت قطعت أيضاً الطريق الوعرة التي تربط عرسال ببلدة نحلة، فيما بقيت الحدود العرسالية مع سوريا مقفلة نهائياً بسبب التوتر العرسالي ــ السوري منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وموقف أهالي البلدة من سوريا.
تغيّر المشهد السياسي في بلدة عرسال كثيراً منذ اغتيال الحريري، فما من أحد كان ليتخيل يوماً أن ترفع أعلام حزب الكتائب والقوات اللبنانية في البلدة، أو يعتلي أحد قادة «أخصام» الأمس منابر عرسال ليخطب بحماسة تلهب جماهير البلدة التي طالما عرفت بعروبيتها وقوميتها و«حماسة» منقطعة النظير في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي قدمت خلالها مئات الشهداء، وصولاً الى إرسال عشرات المتطوعين للقتال في العراق ضد الاحتلال الأميركي.
ويقول متابعون ان الخطاب الطائفي ــ السياسي أدخل المنطقة في أتون مجهول المصير و«أن تيار المستقبل لا يعرف تماماً وضع المنطقة ديموغرافياً وجغرافياً واجتماعياً، ولا يدرك أبعاد إدخالها في إشكالات مع جيران لا يتمايزون عنها في الحرمان والمعاناة».
ويتهم بعض نواب بعلبك ــ الهرمل قوى سياسية من خارج المنطقة بأنها «تلهب المشاعر مذهبياً وتحرّض الناس بعضهم على بعض، وهم، وللأسف، لا يعرفون ماذا يفعلون، والى أين يجرّون المنطقة». ويشدد هؤلاء على ان «خطاب النائب سعد الحريري في مهرجان عرسال كان استفزازياً وفئوياً، وعرسال لن تنقلب على تاريخها وتتحول الى خط تماس مع جيرانها».
التوتر الأمني والسياسي، وتالياً المذهبي، الذي تشهده منطقة البقاع الشمالي يتجه نحو التصعيد إذا لم يتدارك المعنيون خطورة الأمر. فـ«حزب الله» أكد رفضه المطلق أي شكل من أشكال الفتنة، انطلاقاً من حرصه على وحدة أبناء المنطقة في هذه المرحلة الحساسة. فيما تيار «المستقبل» الذي لا قيادات معروفة لديه في البقاع الشمالي، لم يبادر حتى اللحظة الى وضع خطة عمل تبعد الكأس المُرّة عن المنطقة، ويعيد وصل ما انقطع بين الأهالي، وتحديداً بين أهالي عرسال والقرى المجاورة. وفيما النفوس تغلي بعد مقتل أحد الشبان، في منطقة قد لا يتمكن الالتزام السياسي من لجم عادات عرفت عن سكانها منذ أمد بعيد، وهو ما قد يؤدي الى ما ليس في الحسبان.