فاتن الحاج
لم يجد طلاب التعبئة التربوية في كلية التربية ــ الجامعة اللبنانية أبلغ من «يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعي» تشبيهاً يسبغونه على قوى السلطة. يسجلون خداعها في «وطنيتهم»، معرض مدح في معرض الذم يطلون به، من نافذة اختصاصهم، على واقع الفساد الحكومي، ليخرجوا بمشهد لبنان كما تريده قوى المعارضة. هنا في الخيمة المركزية فيساحة رياض الصلح مجسّم لأستاذ يمعن في ورقة أمامه يجري عليها حركة المداخيل والمصاريف. لابد أنّه متعاقد وحقه مهدور. وهناك يتسلق زميل له الجبل، في رسم كاريكاتوري انتقادي يشير إلى صعوبة التثبيت في المدرسة الرسمية، بل إلى التعاقد الوظيفي الذي تنوي حكومة السنيورة طرحه في باريس ــ3. يتساءل الطلاب في إحدى الرسوم كيف يمكن أن نطالب بلبنان أولاً ما دام العلم الأميركي يظلل العلم اللبناني ويرفرف، في رسم آخر فوق السرايا الحكومية. ولكون المعتصمين ليسوا جمهوراً للممثلين في السلطة، عمد المنظمون إلى القول «بالسراي عملوا مسرح، بالشارع ما في مطرح». وللطلاب موقفهم، أيضاً من كتاب التاريخ فقد جسدوا «المنهج الواضح في التاريخ» وضمّنوه صحفاً قديمة. فهم يريدونه كتاب تاريخ موحد وليس للمسلمين دون المسيحيين أو بالعكس. باختصار «كتاب تاريخ مش هربان من التاريخ». في المعرض مكتبة وزارية وكتب من «فلّين» من إسهامات أهل السلطة. «كيف نسلب حقوق المعلم» كتاب وقعته حكومة السنيورة، فيما وقع رئيسها «كيف نزيد من الديون». أما «كيف نشتري السلاح» فكتاب من ابداعات وليد عيدو. ويبقى «من السجون إلى الزعامة» كتاب لسمير جعجع، «إلى أين» و «أبناء الطائفية» كتابان لحليفيه وليد جنبلاط وسعد الحريري.
في محاذاة المكتبة، يربط الطلاب، في لوحة مركبة، بين انتصار الـ 33 يوماً واسقاط الحكومة. في أعلى اللوحة صور شهداء «الوعد الصادق» في الجامعة اللبنانية، وفي أسفلها صور لأركان الحكومة، فيما تتوسط مجزرة قانا مجموعتي الصور، ليكتمل المشهد مع «وحياة اللي استشهدوا رح تسقطوا».
في لوحة مركبة ساخرة أخرى، تدفع كوندوليزا رايس الرئيس السنيورة من ربطة عنقه، في حين تتطاير القلوب الحمراء بينهما. إلى جانبهما «الساحر» وليد جنبلاط و«العصفور» سمير جعجع يرفرف بعدما تحرر من السجن. أما سعد الحريري فشاب مراهق «لا يقوى إلا على طق الحنك».
يشبّك الطلاب بالمسمار العلم اللبناني على الطريقة الكشفية، في إشارة إلى ترسيخ الوحدة الوطنية التي يعبّرون عنها في مجال آخر بمفردات الوحدة الإسلامية وتطبيق الدستور والتعايش المشترك وخريطة لبنان في الوسط التي تحتل موقع القلب، وبالتالي نبض الوحدة الوطنية. في المقابل، يبدو العلم اللبناني في المقلب الآخر هشاً بعدما صوّره الطلاب على شكل شاحنة تحطمت بعد ملئها بالفساد.
وقد أشرك المنظمون الزوار بلعبة «puzzle» هي عبارة عن قطع يشكل مجموع أرقامها العلم اللبناني، في محاولة لتعميق الانتماء كما قالوا، وأفردوا دفتراً لإبداء الرأي والانطباعات.
وينتهي المشهد بباب يختزل جهود الطلاب الفنية، وهو إما أن يكون باب الفتنة أو الوحدة الوطنية. فوحدة المعارضة تتمثل بسلاسل معدنية ترمز كل حلقة منها إلى ركن من أركان المعارضة تصنع، برأيهم، الوحدة الوطنية عبر الصليب والقرآن، فتخمد، بالتالي نيران الفتنة المشتعلة، كما بدا من الحفر على الباب الخشبي.