أمال ناصر
على رغم الأزمة الصحية التي ألمت بالمرجع السيد محمد حسين فضل الله واستدعت نقله الى المستشفى مرتين خلال اسبوعين، اولاهما لاجراء عملية قسطرة لشرايين القلب والثانية بعد نزيف في عينه بفعل داء السكري، بقي «السيد » في الأسبوعين الأخيرين محور حركة سياسية ودبلوماسية لبنانية وعربية واسلامية.
وكان لافتاً الاتصال الذي أجراه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الأسبوع الماضي بالسيد فضل الله، والذي عممت مصادر القصر الحكومي خبره ووضعته في اطار اطمئنان رئيس الحكومة الى صحة السيد، وهو ما رأت فيه أوساط مراقبة حرصاً من السنيورة على إظهار ان الساحة الشيعية ليست حكراً على «امل» و«حزب الله»، من دون اغفال ما يمثله المرجع الشيعي من قيمة انفتاحية على الجميع.
هذا الانفتاح هو ما جعل السيد في صميم الحركة السياسية، وحوّل منزله مقصداً لعدد من الدبلوماسيين الذين يحرصون على اللقاء به والاطلاع على رؤيته الى ما يجري، وفي هذا السياق تأتي الزيارات المتكررة للسفير المصري حسين ضرار الى حارة حريك حيث استطاع أن يقترب كثيراً من فكر «العلامة اللبناني المنفتح»، وأوضح لفضل الله، بحسب أوساط مطلعة، خطاب الرئيس حسني مبارك وتأكيده بأن مصر ليست الى جانب طرف ضد آخر في المسألة اللبنانية، وان كانت لها تحفظات على ما جرى في لبنان.
وركّز السفير المصري على «الشق الاسلامي» من الازمة، خصوصاً المسألة السنية ـ الشيعية، مشيراً الى أن فضل الله هو «المؤهل للعب دور كبير في اعادة اللحمة الى الساحة الاسلامية في لبنان وخارجه نظراً الى الاحترام الذي يحظى به في الساحتين السنية والشيعية».
هذه الرؤية مهدت لزيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى الحارة حيث لم يعجب الوسيط العربي فقط بكوب الشاي الذي ارتشفه عند فضل الله قائلاً أنه «أطيب شاي شربه في لبنان»، بل أعجب كثيراً بالسيد فضل الله وامتدحه كثيراً أمام أحد الصحافيين، مشيراً الى ان فضل الله «شخصية « وان زيارته اليه كانت من أنجح الزيارات.
وتشير أوساط مقربة من المرجع الاسلامي الى أن البحث مع موسى تركز على المؤثرات الخارجية في المسألة اللبنانية، اذ سمع موسى تأكيداً على أهمية الدور العربي وحرصاً شديداً على عودة المياه الى مجاريها بين الرياض ودمشق، وأن ترتيب العلاقة السعودية - السورية أمر مهم جداً للساحة العربية الاسلامية ككل، من شأنه أن يساهم في حلحلة الوضع اللبناني تحديدا.
موسى الذي سأل فضل الله «كيف أتعامل مع السياسيين اللبنانيين؟»، رد عليه السيد قائلاً: «يريدون أن يتعبوك فعليك أن تتعبهم. وعليك أن تدرس خصوصياتهم لأن معرفتك بهذه الخصوصيات قد تساعدك اكثر على تليين مواقفهم». فقال موسى: «يا صبر ايوب»، ورد فضل الله: «ايوب صبر على جسده وأنت عليك أن تصبر على عقولهم».
وسمع موسى كلاماً من المحيطين بفضل الله مفاده أن "حزب الله تلبنن أكثر من غيره وهو يملك حرية التحرك في الداخل اللبناني بضمانة من الامام الخامنئي نفسه وهذا أحد اسباب نجاحه في الحرب الاخيرة التي شنتها اسرائيل على لبنان».
الى ذلك، استقبل فضل الله أمس سفير الجمهورية الاسلامية الإيرانية محمد رضا شيباني، حيث جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والبحث في أبعاد قرار مجلس الأمن ضد إيران، وشدد فضل الله على «أن ما يسمى الشرعية الدولية تكيل بمكيالين من خلال سعيها لحرمان إيران حقا من حقوقها القانونية في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، ومن جهة ثانية سكوتها عن الإعلان الإسرائيلي الصريح بامتلاك أسلحة نووية، وكذلك سكوتها عن الجرائم الإسرائيلية في حق الفلسطينيين». وأكد «أن إيران ليست طرفا في المسألة الداخلية اللبنانية»، متمنيا على المسؤولين اللبنانيين «عدم الإساءة إلى إيران وزج اسمها أو اسم غيرها في خضم الحديث اللبناني الداخلي»، مؤكدا «أهمية تعزيز العلاقة الإيرانية - السعودية، والإيرانية - المصرية، بما يعود بالخير على الأمة كلها وعلى لبنان على وجه الخصوص». وعلمت «الأخبار» أن شيباني أكد لفضل الله أن ايران «حسمت موقفها من الوضع اللبناني بالتأكيد على وقوفها على مسافة واحدة من الجميع والرد بمحبة على بعض المواقف السلبية التي انطلقت من الداخل اللبناني ضدها».
واستقبل فضل الله أيضاً الوزير السابق جان عبيد.