بسام القنطار
لم تكن الهزة الخفيفة التي ضربت لبنان أول من أمس سوى واحدة من أربع إلى خمس هزات شهرية تسجل في لبنان. لكن المميز في هذه الهزة الخفيفة التي استمرت بضع ثوان، أن سكان كسروان وجبيل والمنطقة الساحلية شعروا بها وأبلغوا عنها.
المركز الوطني للجيوفيزياء في بحنس أكد لـ «الأخبار» ان قوة الهزة 3،3 درجات على مقياس ريختر ووقعت على بعد 19 كلم شمالي بحنس عند الساعة 3.23 بعد الظهر، وأن مركزها هو أحد متفرّعات فالق اليمونة بين مرتفعات جبل صنين وبلدة بسكنتا. وأفاد المركز بأنه يسجل شهرياً في لبنان عدة هزات من هذا النوع وأحياناً أقوى حيث يصل بعضها إلى 3.5 درجات على مقياس ريختر ولا يشعر بها السكان.
والهزة حدث بيولوجي ينشأ بسبب تصادم أو احتكاك الصفائح التكتونية. وبالتالي فإن القشرة الأرضية تتألف من مجموعة الصفائح، وتدعى الخطوط الفاصلة بين هذه الصفائح «الفوالق»، وهذه الفوالق تكون نقاط اصطدام الصفائح واحتكاكها، فمنه نستنتج أنه عند الفوالق تتشكل الهزات أو الزلازل. وهناك عدد كبير من هذه الفوالق يمكن رؤيته بالعين المجردة على سطح القشرة الأرضية. وفالق اليمونة الذي يفصل سلسلة جبال لبنان الشرقية عن الغربية، وفالق سرغايا القريب من مدينة دمشق، وفالق سهل الغاب من أشهر الفوالق في المنطقة.
ويقع لبنان في منطقة نشاط زلزالي ويتعرض منذ آلاف السنين لهزّات أرضية متعاقبة، منها ما هو ضعيف عابر، ومنها ما هو عنيف ومدمر. وأدّت الهزّة الخفيفة أمس إلى ازدياد قلق بعض الناس وتحسبهم لهزّة مرتقبة كبيرة يمكن أن تحدث في أي وقت، خصوصاً مع اقتراب نهاية العام وتزايد أخبار المنجمين عن الكوارث الطبيعية مع أنها لا تستند إلى أية دراسات ولا يمكن الاعتداد بها.
لكن ما زاد هذا الهاجس، عدد الزلازل المتصاعد في دول المنطقة، وآخرها زلزال ضرب أمس شمال قرغيزستان وقدرت قوته بنحو 6,6 درجات على مقياس ريختر، الأمر الذي أدى إلى تدمير ما لا يقل عن 6 آلاف مبنى، لكن من دون أن يتسبب بأي خسائر في الأرواح. والزلزال القوي جداً الذي ضرب قبالة ساحل تايوان أول من أمس مهدداً باقتراب تسونامي (مد بحري) في المحيط الهادئ. وبلغت قوة زلزال تايوان 7.7 درجات على مقياس ريختر، بحسب مرصد علوم الارض في ستراسبورغ (شرق فرنسا).
وأفاد مركز إنذار الجيولوجيين الاميركيين من جهته، بأن الزلزال وقع على عمق عشرة كلم تحت البحر قبالة كاو ــ سيونغ. كما ضرب نهار الجمعة الفائت زلزال بقوة 4.3 درجات على مقياس ريختر منطقة قريبة من مدينة جواياكيل الاكوادورية من دون أن يسفر عن ضحايا أو عن خسائر مادية.
مصادر جيولوجية متابعة أفادت «الأخبار» بأن الهزات الخفيفة التي تراوح درجاتها بين 3 و4 درجات على مقياس ريختر، تساهم في تنفيس الطاقة المتجمعة في الفوالق. وهي ظاهرة محمودة. ولفتت هذه المصادر إلى أن في لبنان فالقين رئيسيين: فالق روم قرب جزين وفالق اليمونة في البقاع وهو امتداد لفالق سرغايا السوري ويمتد الى فالق البحر الميت، وبالتالي فإن الهزات الخفيفة تساهم في تنفيس طاقة الفوالق التي تمر في لبنان.
تجدر الإشارة الى ان رصد الهزات المسجلة في لبنان يؤكد أنه في فوالق محددة تتكرر كل 50 سنة، وفي أخرى كل 250 سنة او 300 سنة. وسجل في لبنان منذ عام 303 ميلادي أكثر من 20 هزة متفاوتة الشدة وبتردد يراوح بين سنتين إلى 300 سنة.
من ناحية أخرى، أجريت دراسات تحر عن الزلازل المدمرة التي تعرض لها لبنان منذ 2000 سنة تبين أن فترات امدها 600 سنة حوت عدداً من الهزات، الأمر الذي قد يخفف من الدورة الترددية للهزات في لبنان.