صفوح منجد
تناثر الثلج الأبيض على قمم الجبال مؤذناً بشتاء عاصف وقارس، وهلّل المواطنون بالقادم الأبيض ضاربين له السلام معبّرين عن فرح القدوم... لكن الشمال بقصور عدله، يئنّ من البرد القارس ويستنجد عسى أن يُنقذ من نصب «تمثال ثلجي» لأحد موظفيه.

لا تزال الدوائر الرسمية في طرابلس والشمال تعاني انعدام وسائل التدفئة شتاءً وغياب التبريد صيفاً، وإن وُجدت تلك الوسائل في كلتا الحالتين، فهي تتنوع وتختلف من منطقة الى اخرى، وربما داخل الدائرة الواحدة، جراء تناثر هذه الدوائر والمصالح الرسمية وتفرعها ووجودها في مبانٍ وشقق معدّة اصلاً للسكن، ذلك أن المشاريع التي وضعت لتجميع الدوائر الرسمية في تجمعات موحدة، سواء داخل طرابلس او في المناطق والاقضية الشمالية، لم تبصر النور.
تضم سرايا طرابلس الحكومية بعض الدوائر الرسمية، فيما تم استئجار مبانٍ وشقق لـ«ايواء» العدد الأكبر من الدوائر الباقية، لتفضي الحال إلى انتشار الدوائر العائدة للوزارة الواحدة، مثل وزارة الأشغال مثلاً، في رحاب تلك المباني.
ورغم أن «الأخبار» أشارت في تحقيقات سابقة إلى مدى هزال الأوضاع في قصور العدل في الشمال، وتحديداً التدفئة، فإن الإشارات الإيجابية لحل الأمور لم تترجم عملياً حتى اللحظة من المعنيين. وبالتالي فإن الواقع المرير حتّم على الموظفين اللجوء الى اساليب متنوعة لاتقاء قسوة البرد شتاءً من خلال بعض اجهزة التبريد «السبليت» الحديثة الصنع، وهي تعمل شتاء على تزويد القاعات والغرف بالهواء الساخن. أما صيفاً، فلا ألذّ من تبريد المراوح اليدوية والكهربائية.
ومع أن بعض قاعات قصر العدل في طرابلس تحوي مكيفات حديثة بإمكانها تزويد المكان بالهواء الساخن شتاءً، فإن موظفين في قاعات أخرى محرومون من هذه «النعمة»، يضطرون الى استخدام «الدفايات» الكهربائية اثناء ساعات التغذية بالتيار الكهربائي، اما خلال ساعات التقنين، فتزداد المعاناة مع تفاقم البرد في قاعاتٍ مشرعةٍ يتسرب منها الهواء القارس، وهنا السؤال عما يحل بآلاف الملفات الملقاة هنا وهناك لعدم اتساع الخزائن المخصصة للعشرات منها فقط!! ماذا حل بالمغلفات المهترئة والمبعثرة الأحشاء في زوايا الغرف؟ والجدير ذكره أن «قصر العدل» المستخدم حالياً، في انتظار إنجاز قصر العدل الجديد الذي طال انتظاره، لم يزود بشبكة تدفئة مركزية عاملة على المازوت، وهو ما دفع بالموظفين الى التفتيش عن الحلول المتنوعة.
ومثل كل يوم، لدى أهالي الشمال أمنية أن يتحقق الوعد بإنجاز قصر العدل الجديد في المدينة، فلهم أن يتمنوا ليلة رأس السنة ويدعوا في ليلة الأضحى أن تكون السنة الآتية سنتهم وسنة العدل لمدينتهم.
الوضع في قصور العدل بطرابلس والشمال لا يختلف كثيراً عن واقع الحال في باقي الدوائر الرسمية، التي ينطبق عليها المثل القائل «في الشتي مغراق وفي الصيف محراق»، الأمر الذي يزيد في الطين «بلة». مع الإشارة إلى أن التقنين على صعيد التغذية بالتيار الكهربائي، والذي يتفاقم عاماً بعد عام، أدى الى ارتباكات عديدة في هذه «القصور» والمحاكم الشمالية، كما إلى توقف مؤقت لبعض القضايا.
وفي جولة لـ«الأخبار» في بعض مناطق الشمال، يتبين ان واقع الحال هذا ينطبق على السرايا الحكومية في حلبا ــ عكار حيث يستخدم «السبليت» صيفاً وشتاءً، اضافة الى وسائل التدفئة الكهربائية.
اما في بلدة سير الضنية، فهناك تمديدات لشبكة تدفئة مركزية، لكنها متوقفة حالياً عن العمل بسبب ارتفاع اسعار المازوت، ولتفادي موجة البرد في المحكمة المنفردة في البلدة، تم تزويد غرف القاضي والموظفين بـ«دفايات» تعمل على الغاز، وتنعدم التدفئة كلياً في قاعة القوس.
وتنفرد سرايا بشري، حيث مقر القائمقامية، دون سائر القائمقاميات بتوفر شبكة تدفئة مركزية عاملة على المازوت. أما مقر المحكمة المنفردة فمزود بمدافئ تعمل على المازوت، منتشرة في كل انحاء الجرود اللبنانية وتعرف بـ«الصوبيات»، وبعضها يعمل بواسطة الحطب بدلاً من المحروقات، لأنها ارخص سعراً وأقل تكلفة.