بسام القنطار
خطوة الألف ميل باتجاه إنتاج إحصاءات بيئية متكاملة ودقيقة

نشرت إدارة الإحصاء المركزي أمس النسخة العربية لتقرير البيئة الوطني لعام 2006 بعد أن نشرته في اللغة الفرنسية في تموز 2006.
التقرير الذي يقع في 34 صفحة أطلق بالتعاون مع وزارة البيئة وشاركت في تمويله المجموعة الأوروبية من خلال برنامج MEDSTATE ــ Environment وعبر التعاون التقني المقدم من وكالة BLEU PLAN.
ويشير هذا التقرير إلى تقدم إدارة الإحصاء المركزي في إنتاج إحصاءات بيئية، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في اعتماد استراتيجيات بيئية حكومية تستند إلى نظام إحصائي بيئي ذي بعد وطني. ولقد وفّرت المعلومات والمؤشرات المتوافرة في منشورات المرصد اللبناني للبيئة والتنمية، مصدراً أساسياً للمعلومات التي أوردها التقرير. كما أسهمت التحليلات التي يتضمنها المخطط التوجيهي للأراضي اللبنانية والأرقام الصادرة عن وزارة البيئة في صياغة التقرير.
وبعد أن يقدم مجموعة من المعطيات العامة للبيئة في لبنان، يعرض التقرير واقع البيئة الحالي والمستقبلي من خلال معالجة قضايا المياه وقاع البحر، وتلوث الهواء، والتربة، والتنوع البيئي والغابات والحيوان والنبات إضافة إلى موضوع النفايات.
ومن العيوب التي شابت التقرير، عدم تمكنه من الحصول على العديد من المعطيات المهمة مثل كمية النفايات الصناعية والمنزلية الناجمة عن التجمعات السكنية الساحلية أو الخاصة بالتدفقات الناجمة عن المجمعات الداخلية، أي التابعة لمصبات المجاري الساحلية على البحر، الأمر الذي انعكس على مستوى التقويم البيئي لوضع الساحل اللبناني. إضافة إلى تبنّي التقرير الرواية الرسمية التي يقدمها مجلس الإنماء والإعمار عن واقع معالجة النفايات المنزلية الصلبة، من دون الاشارة الى الكثير من العيوب التي تشوبها على مستوى إعادة التدوير في معمل الكورال والطمر في الناعمة. كما لفت الى أن التقرير لم يقدم أي إشارة الى واقع الطاقة المتجددة في لبنان، وإلى عدم تطرقه بالتفصيل الى كلفة الهدر البيئي التي تفوق الدين العام ، وموضوع ابادة الطيور عبر الصيد وغيرها من المواضيع. يبقى أن نشير الى أن التقرير المذكور وعلى عكس العنوان الرسمي الذي يحمله «تقرير البيئة الوطني لعام 2006»، لا يقدم أي معطى عن الواقع البيئي لعام 2006 خصوصاً أنه صدر قبل حرب تموز الأخيرة، إضافة إلى أن الأرقام التي استند إليها تعود إلى سنوات بعيدة في الكثير من المواضيع، الأمر الذي يشير إلى نقص في المعطيات والإحصاءات الحديثة.

يشير تقرير «البيئة الوطني لعام 2006» الى أن تلوث الهواء هو مشكلة كبيرة خصوصاً في التجمعات السكنية الضخمة، ويتمثل الدليل على هذا بكثافة الآليات التي تلوث الجو كثيراً وخاصة في بيروت الكبرى وطرابلس الكبرى.
كما يقدم التقرير مجموعة من المعطيات الإحصائية البيئية ربطاً بمختلف المعطيات، منهاstrong>المياه
يشير التقرير الى «ان نوعية المياه غير معروفة في لبنان. إذ تعاني المياه الجوفية تسرب الملوثات (مياه مبتذلة ونفايات صناعية ونفايات صلبة متحللة، إلخ) والتضخم السكاني، وتعدد حفريات الآبار غير المنظمة (45000 بئر فردية)، وغياب معالجة المياه المبتذلة في المناطق التي تعاني ضعفاً في الموارد. وهذا مما يؤدي إلى تلوث المياه السطحية. ويؤدي نقص شبكة القياس الفعالة إلى عدم اكتمال قياس تكوين المياه الكيميائي، لذلك من غير الممكن معرفة كميات الاوكسيجين المختلط ــ الضروري لتنوع الحيوان والنبات والإشباع بالاوكسيجين والطلب البيوكيميائي على الاوكسيجين والطلب الكيميائي على الاوكسيجين للتلوث العضوي، الآزوتات والفوسفات للتلوث بالأسمدة، تركز المعادن للتلوث الصناعي».
ويضيف التقرير «تبين مراقبة نقاط المياه الخمس، أن نسبة الطلب على الاوكسيجين مرتفعة في أنهار الدامور والاولي وبيروت والعاصي والليطاني. بينما الطلب على النتروجين مهم جداً في نهري الدامور والاولي. ويطلب نهر الأولي الفوسفور، بعكس نهري بيروت والليطاني. وبناء عليه، يسبب اختلال النظام البيئي للأنهار أمراضاً وأوبئة».
ويؤكد التقرير أن «عدد الأشخاص المصابين بالكباد والتيفوئيد في لبنان الشمالي وفي الجنوب وفي النبطية مرتفع. ويعزى سبب تدهور نوعية المياه الى الري وإلى نوعية المبيدات التي تلوث التربة، وإلى النيترات والصناعة والمجارير التي ترمي ملوثات سامة، والى طمر النفايات وحفر الآبار واهتراء شبكة مياه الشرب».
الساحل
يشير التقرير الى أن «المنطقة الساحلية تؤلّف 16% من مساحة البلد وتبلغ نسبة تمدينها 50% وهي ملوثة بسبب كثافة السكان العالية وتركز الأنشطة الصناعية ووجود أربعة مرافئ تجارية و15 مرفأ صيد و12 أنبوب نفط وثلاث محطات كهربائية تعمل على الوقود. كما تحوي هذه المنطقة عدة مؤسسات صناعية ووحدات تجارية (10%) ومساحات زراعية (41%) ومواقع استجمام (7,5%) ومساحات مرفئية (5,3%) ومرافق وحواجز وكثباناً (4% بطول 49 كلم) ونتوءات صخرية (4,7% بطول 11 كلم).
وبحسب التقرير «يعاني الساحل التعري والعواصف الشتوية. كما يؤدي استخراج رمل الشواطئ وإنشاء مرافئ الاستجمام والتعديات على الاملاك العامة البحرية الى تخفيف نسبة الترسبات وإلى ندرة الترسبات البيئية. اذ لم يبق سوى عدد قليل من الشواطئ الرملية وهي شكا والبترون (لبنان الشمالي) وجبيل والمعاملتين (جبل لبنان). وهو مما يزيد في حدة التعري.
قاع البحر
يؤكد التقرير أن «كمية المياه المبتذلة المنزلية المجمعة تبلغ نحو 683000م3/ يوم. أما التلوث عند مصبات الأنهار فيقاس من خلال الحمولة الملوثة التي تقيس كمية الملوثات في اليوم او فيالسنة.
ويرتفع نسبياً الطلب الكيميائي على الاوكسيجين في انهر الاولي والليطاني والكلب. بينما تنخفض جداً نسبة الفوسفور في نهر الاولي وترتفع في نهر الليطاني. ويغيب النيتروجين نسبياً عن نهري الاولي والليطاني بينما هو مرتفع جداً في نهر الكلب، الأمر الذي يؤدي الى اختلال في كميات مكونات مياه الأنهر.
ويلفت التقرير الى أن «محاولات وزارة الطاقة والمياه ومجلس الإنماء والإعمار قد تؤتي ثمارها على المدى المتوسط، ومنها البحث عن مصادر مياه غير تقليدية والاقتصاد في استعمال المياه المهدورة بسبب التسربات في الشبكة وإعادة توجيه الاولويات من خلال تركيز الجهود على المناطق حيث المياه المبتذلة تهدد مصادر مياه الشرب ومن خلال معالجة المياه وبناء السدود».
لكن التقرير يشير أيضاً الى مساوئ المحاولات: «فهي تضع على المحك نوعية حياة الأجيال المستقبلية من خلال خسارة الاراضي الزراعية وهجرات السكان وانخفاض مستوى المياه الجوفية وإيجاد مناخات محلية ومخاطر حدوث هزات والقضاء على الأجناس الحيوانية والنباتية وفساد الأنظمة المائية وتغيرات جغرافية خطرة وتغيرات أنظمة بيئية مضرة بالصحة العامة (انتشار الملاريا والبلهارسيا والبعوض). وهو مما يؤدي الى ارتفاع نسبة ملوحة الأرض وسرعة تواتر الفيضانات.
الهواء
يظهر التقرير «أن الانبعاثات الصناعية ووسائل النقل وآلات التدفئة تؤدي الى تقليص كمية الاوكسيجين وإلى إلحاق الضرر بالأنظمة البيئية. ويؤثر التلوث البيئي داخل المدينة وخارجها على الصحة العامة (التهاب الشعب ومشاكل في التنفس والسرطان، الخ). اذ يؤدي الى وفاة 350 شخصاً كل سنة في بيروت وطرابلس. ويتكون التلوث الهوائي من جزيئات الرصاص والكبريت وأكسيد النيتروجين، الخ».
وعلى صعيد النقل يرى التقرير أن «وسائل النقل تمثّل مصدراً رئيسياً للتلوث الجوي، اذ تمتلك ما نسبته 46,2% من الأسر في لبنان وسيلة نقل واحدة على الأقل. كما أن عدد الآليات المزودة بمحركات خلال عقد من الزمن (1994 ــ 2004) ارتفع بنسبة 37,83%. وتؤلّف سيارات السياحة الخصوصية 88,46% من مجموع آليات النقل وتشهد نمواً بنسبة 32,72%. وهذه السيارات هي أهم مصدر لتلوث الهواء، وخاصة أن الفترة ما بين 2000 ــ 2002 شهدت نمواً في عدد السيارات التي تستهلك المازوت ذا النوعية الرديئة. لذلك أدى هذا الاستهلاك المتزايد للطاقة الى زيادة الانبعاثات الملوثة للهواء وخصوصاً الرصاص وديوكسيد الكبريت والمواد العالقة. وبالفعل فإن 99.4% من انبعاثات احادي اوكسيد الكاربون نجمت سنة 1994 عن النقل ثم الصناعات التي نجم عنها احتراق غير كامل للمازوت، والمحطات الكهربائية».
اما على صعيد الصناعة، فيؤكد التقرير أن «النشاطات البشرية تؤدي إلى انبعاث ملوثات سامة وغازات تلوث نوعية الهواء، وكانت قد بلغت سنة 1994 كمية ملوثات الصناعة اللبنانية 1924063 طناً من 2CO و0,3 طن من CO و0,1112 طن من NOx و273888 طناً من 2SO. وتمثّل معامل الترابة الثلاثة المصدر الرئيسي لانبعاثات 2CO و2SO من بين جميع الأنماط الصناعية اللبنانية. ينتج معمل الاسمنت 77,2% من الانبعاثات الاجمالية، تليه الصناعات المعدنية التي تنتج 21,7% من مجموع انبعاثات 2SO. وينتج الإسفلت المستعمل لتزفيت الطرق NMVOC. وكانت وزارة الاشغال العامة قد استعملت سنة 1994 ما يساوي 10586 طناً من الاسفلت. وتنتج معامل الزجاج والمشروبات كمية كبيرة من NMVOC بينما تنتج الصناعات الزراعية ــ الغذائية (لحم ودجاج وسمن وبسكويت وحلويات وخبز والمحمصات) الكمية الباقية».
ويحذّر التقرير من «ان انبعاثات الملوثات في الهواء تزيد من ارتفاع درجة الحرارة، واحتراق الطاقة الاحفورية وبعض الانتاجات الصناعية هي أهم مصادر 2CO الرئيسية. وأبرز الملوثات الموجودة هي 2SO و2CH وNOx وCO والمكون العضوي المتبخر NMVOC».
ويشير التقرير الى «أن المناخ الجاف في الصيف في لبنان ينتج مستويات غبار مرتفعة في الجو. وتتوفر نسبة تركز الملوثات في الهواء في بيروت وفي منطقة شكا. وتراوح نسبة اوكسيد الكبريت في شكا بين 0,4 و0,7 ميكورغرام وهي مرتفعة نسبياً. وتختلف نسبة الجزيئات المعلقة بما يوازي 116 ميكروغراماً بين بيروت وشكا. وترتفع نسبة تركز الانبعاثات التي تنتجها حركة الآليات على الطرقات التي يتراكم عليها الغبار ومشاريع البناء والتي تسهم ايضاً، مع النشاطات الاخرى، في تراكم الجزيئات المنتشرة في الجو في بيروت، وتزيد شركة الترابة في شكا من حدة هذه الجزيئات في منطقة الشمال. وتبلغ كمية اوكسيد الآزوت 1000 ميكروغرام في بيروت وتراوح بين 6,4 و10,11 PPM في شكا. وترتفع نسبة مونوكسيد الكربون بسبب كثافة الآليات ذات المحركات في بيروت. وفي بيروت 14 ميكروغراماً من الرصاص».
الغابات
ينبه التقرير من «ان الامراض وقطع الاشجار والحرائق الصيفية والكسارات والضغط العقاري والبناء وإنشاء الطرق العشوائي والتعري، كلها عوامل تهدد الغابات، والاهداف من وراء هذه الافعال متعددة مثل الزراعة وطمر النفايات والتمدين». ويضيف التقرير: «يتكون الغطاء الغابي من الاراضي الغابية (81%) والغابات الورقية (11%) والغابات المختلطة (5%) وغابات الصنوبر (3%). تتكون غابات الصنوبر بنسبة 75% من الصنوبريات المنتمية الى فئة عاريات البزر مثل التنوب والارز والارزية والبيسية والصنوبر، الخ. وتتكون الغابات الورقية بنسبة 75% من الاجناس الداخلة في فئة كأسيات البزر مثل القيقب والزان والحور والبلوط، الخ. وتتكون الغابات المختلطة من غابات الراتنج والورق. وأخيراً تتألف الاراضي المزروعة من غابات الراتنج والورق والمختلطةstrong>الكسارات
يؤكد التقرير «ان 710 كسارات تعمل في لبنان، نصفها في جبل لبنان وفي الضاحية. ويجري استغلال معظمها من دون اذن. وتحتل هذه الكسارات اكثر من 3000 هكتار تؤمّن سنوياً 3 ملايين متر3 من البحص وتحاول الحصول على عشرات الهكتارات الاضافية كل سنة. كما أن الكسارات المرخصة لا تحترم القوانين المرعية الاجراء الخاصة بالاستخراج وإعادة التأهيل».
ويطالب التقرير «بسياسة دقيقة للإدارة ومراقبة نشاط الكسارات الاستخراجي. فقد تؤدي حماية الغابات والمساحات الخضراء الى زيادة كمية الاوكسيجين في الهواء مما يبطئ حركة التعرية».
التنوع البيئي
يشير التقرير الى وجود نحو 65 صنفاً من الحيوانات اللبونة في لبنان، من بينها 2 ضعيفة، ويبلغ عدد الاجناس اللبونة المعرضة للخطر 11، وهو رقم مرتفع، ورقم الاجناس اللبونة المتناقصة اكبر (18) من بينها صنف مريض. من بين الـ 338 صنفاً المعروفة من العصافير ثمة 26,6% (90 صنفاً) تشكو النتاقص. 271,1% من الزواحف معرضة للخطر و 18,8% تتناقص. 40% في البرمائيات تتناقص. كما أن وضع اصناف الاسماك محرج اذا إن 2,1% منها مريضة. كما أن وضع الرخويات ليس أفضل اذ إن 5,6% مريضة و12,1% متناقصة. اما وضع النبات في لبنان فليس افضل حالاً من الحيوان إذ إن 5,7% من النباتات الوعائية تتناقص، لكن وضع النباتات خطير لأن 2,8% منها مريض و5,1% ينتاقص.
النفايات
يشير التقرير الى «ان كمية النفايات البلدية الصلبة بلغت سنة 2001، 1,44 مليون طن، اي ما يعادل 940 3 طناً يومياً. وينتج المقيم في بيروت وسطياً 1,1 كلغ من النفايات الصلبة يومياً بينما تبلغ هذه الكمية الوسطية 0,95 كلغ في المناطق الحضرية وما شابهها في جبل لبنان ولبنان الجنوبي، و0,85 في المناطق الريفية وما شابهها في الشمال والبقاع والنبطية».
كما يقدم التقرير وصفاً لواقع معالجة النفايات المنزلية الصلبة والنفايات الصناعية والردميات والنفايات السائلة الناجمة عن تكرير المياه المبتذلة، اضافة إلى النفايات السامة ونفايات المستشفيات.