يعيش معظم قضاة لبنان معاناة قديمة جديدة متأتية عن إهمال الإدارة القضائية لتوفير الحاجيات الإدارية واللوجستية التي تؤمن لهم في حال تحقيقها ظروفاً فضلى، تمكّنهم من القيام بعملهم ودورهم بشكل أفضل وتجعلهم أكثر إنتاجية وقدرة على فصل القضايا والملفات العالقة لديهم. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن مكاتب بعض القضاة لا تليق بهم وبمكانتهم ودورهم وسلطتهم المستمدة من الشعب اللبناني الذي يحكمون باسمه. فهذه المكاتب تفتقر إلى الأثاث اللائق والخزائن التي تحفظ فيها الملفات وأجهزة الهاتف والقرطاسية التي يحتاج تأمينها الى إجراءات إدارية روتينية تأخذ وقتاً طويلاً. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يشغل قاضيان أو ثلاثة مكتباً واحداً ويتناوبون على الحضور إليه لينجز كل منهم ملفاته ويصدر أحكامه بالعشرات.. أما الحال المخجلة فتتمثل في غياب الحمّامات عن كثير من الأجنحة التي تقع فيها مكاتب القضاة، وأحياناً يضطر بعضهم الى إيقاف عمله، والانتقال من مبنى الى آخر لقضاء الحاجة، كل ذلك يحصل تحت مبررات عدم توفير الموازنات المطلوبة. في حين يرى بعض المعنيين أن تأمين هذه الأمور مع المكننة الواجب توفيرها لا تكلّف الدولة إلا جزءاً من نفقات بعض الوزراء والمدراء العامين لتغطية أسفارهم والولائم والاحتفالات والمؤتمرات، في حين أن القضاء يؤمّن إيرادات للدولة تقدر بملايين الدولارات سنوياً، من دون أن ينعم عليه المسؤولون بجزء منها لتحسين ظروفه.