جورج شاهين
وسّعت «المبادرة الغامضة» لرئيس المجلس النيابي نبيه بري «الخيالات الخصبة» في أذهان كثيرين، فنمت السيناريوهات «الاستباقية» حول «مبادرة ما» للرئيس نبيه بري، تركّزت كلها على العناوين الأساسية التي استحكمت بأولويات الحلول ـ المخارج للملفات المطروحة من النظام الأساسي للمحكمة ذات الطابع الدولي وحكومة الوحدة الوطنية والانتخابات المبكرة بشقيها النيابي والرئاسي والآليات الواجب اعتمادها لرسم خريطة الطريق الى الحل، حتى أن أجواء المبادرة وردود الفعل عليها باتت مؤشراً في حال الموافقة عليها لعودة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى بيروت، وهو أمر لن يطول التثبت منه، اذا أطلق بري مبادرته قبل نهاية الأسبوع المقبل، وهو الموعد المرجح لذلك.
ومن السيناريوهات الاستباقية المطروحة:
ـــــــ أن يضع وزير العدل شارل رزق «صيغة ثالثة» لبعض البنود المختلف عليها بين طرفي النزاع من شأنها ان تقدم طرحاً جديداً يتناول فقرات من النظام الأساسي، وتتعلّق باختصاص المحكمة من زاوية «احتمال وجود ترابط بين الجرائم المرتكبة» بين الأول من تشرين الأول 2004 (محاولة اغتيال الوزير مروان حماده) و12 كانون الأول 2005 (اغتيال النائب جبران تويني)، قبل أن يضاف الى السلسلة اغتيال الوزير بيار الجميل، وبما سمّي «مسؤولية الرئيس عن مرؤوسيه»، ورفع سلطة المحكمة الى ما فوق السلطات القضائية الوطنية اللبنانية وإنهاء اختصاصها لمصلحة المحكمة، عدا عن الملاحظات الهامشية الأخرى التي تنهي حالات الاستنساب السياسي التي تقلق البعض.
وفي حال التوافق على الصيغة الجديدة تنتفي الحاجة الى لجنة قانونية مشتركة، وترفع الصيغة الجديدة الى حكومة وحدة وطنية في جلسة تعقدها برئاسة رئيس الجمهورية وتحال على المجلس النيابي لإقرارها. ويلي هاتين المرحلتين البحث في الانتخابات المبكرة لرئيس توافقي ومجلس نيابي جديد، وإذا تقدمت الرئاسية على النيابية يتسلم الرئيس العتيد مهماته فور نهاية ولاية لحود، وفي حال العكس يتم التسليم والتسلم فوراً.
ـــــــ أن تعتبر الحكومة الحالية مستقيلة في موازاة الاتفاق على تأليف اللجنة المكلفة إعادة النظر في قانون المحكمة، على أن تطرح الصيغة النهائية للتعديلات على المجلس النيابي فور تأليف حكومة الوحدة بموجب اتفاق مكتوب برعاية عربية ودولية.
ـــــــ العودة الى حلحلة العقد الواحدة تلو الأخرى بدءاً بما هو متيسّر، وإذا كان صحيحاً ان الأطراف كافة وافقت على اللجنة القانونية فليترك لعمرو موسى تأليفها من خبراء قانونيين عرب ولبنانيين على أن يفوق عدد العرب اللبنانيين، ويلي التفاهم على ملاحظاتها إقرارها في وثيقة غير قابلة للتعديل يرفعها موسى الى حكومة الوحدة وفق صيغة (19/10/1). ويعاد البحث لاحقاً في الانتخابات المبكرة الرئاسية أو النيابية وفق السيناريو الأول الذي حدد مواعيد إجرائها والتسليم والتسلم.
ومهما توسعت «الخيالات الخصبة» في ابتداع الصيغ، إلا ان هناك قناعة لدى المتعاطين مع كل المبادرات بأن أي مفتاح إليها يفرض إحياء شكل من أشكال الحوار المفقود حتى الآن، فهل توفر مبادرة الرئيس بري هذا الشرط ــ المعبر الإلزامي الى أي منها، أم ستكون عيدية متأخرة في غير موعدها بعدما سبق قطار الأزمة كل المتفرجين في محطاته، الغافلين عن قطع تذاكر العبور الى بر الأمان!؟