طارق ترشيشي
قبيل إنعقاد طاولة التشاور المقررة الاثنين المقبل، تدور مشاورات في بعض الأوساط، يقال ان «مدير التشاور» رئيس مجلس النواب نبيه بري مشارك فيها، وتركز على مشروع لتوسيع الحكومة، وذلك بعدما تكشف ان رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي إلتقى بري قبيل سفره الى واشنطن، ابلغه موافقته على تشكيل حكومة وحدة وطنية، في مقابل الاّ يُطرح على طاولة التشاور قانون الانتخاب لأنه يهدد موقعه السياسي، ويضعف كتلته النيابية ويقلِّصها الى 4 او 5 نواب، ولأن الاكثرية تعيش هاجس ان يحفظ كل طرف رأسه منفرداً، بعدما تيقنت من إستحالة حفظ رأس الاكثرية مجتمعة، نتيجة ترنح المشروع الاميركي تحت وطأة الضربات المتتالية في لبنان وفلسطين والعراق وايران وافغانستان وكوريا الشمالية.
ولذا فإن رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعدالحريري، وبضغط سعودي، بدأ يتقبل فكرة الشراكة، وجنبلاط بدأ يتقبل هذه الفكرة ايضاً بعد تعرض طائفته للإنقسام العمودي على المستويات الروحية والسياسية والعائلية، ونتيجة خسارة رهانه على سقوط النظام السوري.
وفي ضوء هذه المعطيات بدأت المفاوضات في مسألة توسيع الحكومة بدلاً من تغييرها، من خلال زيادة عدد وزرائها ليصبح 30 وزيراً، وإستبدال بعض الوزراء الحاليين بآخرين. ومن الافكار المتداولة ان يتنازل رئيس الجمهورية العماد إميل لحود عن وزيرين من حصته المفترضة، هما الوزيران شارل رزق وطارق متري لمصلحة «كتلة التغيير والاصلاح» برئاسة النائب ميشال عون، وان يحتفظ بالوزيرين الياس المر ويعقوب الصراف، وان يزاد وزير على حصص كل من الطوائف المارونية والشيعية والسنية والارثوذكسية والكاثوليكية والدرزية ليصبح عدد اعضاء الحكومة 30 وزيراً.
وترشح من هذا النقاش فكرة الاّ يسمي «حزب الله» وحركة «أمل» الوزير الشيعي السادس، وان يترك امره الى كتلة عون او الى «المستقبل، في مقابل ان يسمي الحزب والحركة وزيراً سنياً وآخر درزياً من تيار الوزير السابق طلال ارسلان، او وسطياً بين جنبلاط وارسلان.
ويهدف «حزب الله» وحلفاؤه من خلال هذا التوجه الى توزيع المقاعد الوزارية خارج الحصص الطائفية المعهودة، للتأكيد على ان الانقسام في لبنان سياسي وليس طائفياً، وذلك لإبعاد شبح الفتنة الداخلية المذهبية أو الطائفية، ولتحضير الجو الشعبي لتقبُّل قانون إنتخابي يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة على اساس النظام النسبي، بما يحصن الساحة الداخلية ويزيل الهواجس من إبتلاع الطوائف الكبرى للطوائف الصغرى، أو من التأسيس لمشروع سياسي جديد ينسف مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين ويمرر المثالثة بين الطوائف الثلاث الكبرى. ذلك أن قانونا انتخابيا كهذا يسمح للطوائف الصغرى بتعديل حجمها السياسي، من خلال الاندماج في احزاب سياسية غير طوائفية او طائفية، فهل تتجاوب الاكثرية مع «تواضع» الاقلية ؟ ام ان لسانها سيكون معتمداً على كواتم الصوت التي لم يتأكد مستقرها بعد في السفارة الاميركية عبر مطار بيروت، او على جدار صوت الطيران الاسرائيلي في سماء العاصمة أمس، والذي لم يخرقه صوت سيادي واحد مستنكراً؟
وزير اكثري يجيب في هذا المجال «ان اركان 14 آذار لم يتخذوا بعد اي قرار نهائي في شأن موضوع تشكيل حكومة وحدة وطنية، على رغم انهم قرروا مبدئياً المشاركة في طاولة التشاور الاثنين المقبل، لكنهم لا يزالون يدرسون بجدية الخيارات التي سيقدمون عليها، وفي مقدمها القبول بتوسيع الحكومة الحالية». ويكشف الوزير نفسه ان الرئيس بري نصح الاكثرية القبول بتوسيع الحكومة، بما يجعلها حكومة وحدة وطنية. ويشير الى وجود ميل اكثري الى التوسيع الحكومي، خصوصاً ان لدى الاكثرية هواجس إزاء فكرة التغيير التي قد يشكل البيان الوزاري عقبة كبيرة في وجهها، لأن المعارضة لن تقبل ان يتضمن هذا البيان اي شيء عن موضوع رئاسة الجمهورية او عن نزع سلاح «حزب الله» . في حين ان توسيع الحكومة وتغيير بعض الحقائب فيها، يتمان بمراسيم يصدرها رئيسا الجمهورية والحكومة، ولا يقتضيان اي تغيير في البيان الوزاري.
ويختم الوزير نفسه بالقول: «ان الاكثرية اذا قبلت خيار توسيع الحكومة فإنها ستطلب ضمانات بعدم عرقلة تشكيل المحكمة الدولية في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري».