زفتا ــ عبير حمزة
لا تزال الحرقة تنغص عيش زيد الأخ الكبر لعفيف شومان، الذي خطفه الموت وهو لما يتجاوز بعد العشرين ربيعاً، يوم كان الشقيقان يتبادلان الحديث على قارعة الطريق في زفتا، قبل أن تفاجئهما سيارة مسرعة فأردتهما على الفور، ولم تترك لزيد حتى فرصة استيعاب ما حصل.
ومما يعمق جراح العائلة أنه، بعد الحادثة، لم يتخذ أي إجراء قانوني لمنع تكرار ما حصل، بل على العكس، فإن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
تبدأ القصة على أوتوستراد النبطية ــ الزهراني ولا تتوقف عند هذا التقاطع أو ذاك. فقد تبهر العابر أزهار شجر الدفلى، وخضرة الأشجار، المغيبة للأرصفة، بيد أنه سرعان ما يجري وراء قلقه ولحظات من الرعب، عندما تخرج سيارة من المجهول، يريد سائقها أن ينتقل من مقلب إلى آخر، من دون سابق إنذار، أو ما يوحي لظهوره الفجائي إلى وسط الطريق. وقد تتكرر قصة «القلق» بعد هنيهات لكثرة وجود المخارج بين جهتي الطريق، إذ إن المسافة بين منفذ وآخر قد لا تتجاوز مئتي متر؛ وفي أماكن أخرى أقل من ذلك بكثير. ويلاحظ في كثير من الأحيان أن المنافذ أقيمت في أماكن بغير محلها، من غير مراعاة الأصول الفنية وضوابطها؛
ويرجح العديد ممن يعيشون لحظات الرعب هذه، في الحوادث القاتلة، مشاهدة وحضوراً، أن توزيعها قد يكون نزولاً عند رغبة بعض النافذين، سياسياً، من أصحاب المحال والمؤسسات التجارية المنتشرة بكثافة على جانبي الشارع الأوتوستراد، بغض النظر عن الخطورة التي يشكلها هذا الأمر.
ومن يطلع على محاضر القوى الأمنية المختصة يرَ الحجم الحقيقي لهذه الكارثة المستمرة (فبين عامي 2005 و2006 سقط قرب زفتا ما يزيد على عشرة قتلى و60 جريحاً، فضلاً عن الخسائر المادية الكبيرة الناجمة عن تحطم السيارات والدراجات أو تلفها).
ويؤكد رئيس بلدية زفتا حسن يوسف حمزة «أن التقاطع عند مفرق البلدة غير مدروس فنياً بالشكل المطلوب؛ هذا الأمر لم يناقش مع البلدية أثناء التنفيذ، لعدم وجود بلديات في حينه. إن العمل على الاوتوستراد من اختصاص وزارة الأشغال؛
وبعد تكرار الحوادث تمت مراجعة دائرة الأشغال في المنطقة، من قبل اتحاد بلديات الشقيف، الذي طرح فكرة وضع حواجز إسمنتية وإشارات ضوئية، وإعادة رسم المفترقات والتقاطعات بطريقة صحيحة، بيد أن تلك الاقتراحات المطالب لم تلق تجاوباً؛ وبالمقابل لا توجد موازنات بلـــديــــة لمــــعالجــــة مـــــثل هــــذه الأشــــغال.
فكان أن قامت بلدية زفتا بمبادرة بسيطة تمثلت بوضع لافتات تدعو لتخفيف السرعة، التي تعتبر سبباً رئيسياً لتلك الحوادث؛ إلا أن كثيرين من السائقين لا يلتزمون بذلك. وقمنا كذلك بتشذيب الأشجار المزروعة في منتصف خطي الطريق (الجزيرة النصفية) لتسهيل الانتقال بين الخطين بأقل خطورة ممكنة.
لكن هذا الأمر يحتاج إلى خطة منهجية وجذرية قد تخفف الكثير من الضحايا التي تترك الحزن في عشرات البيوت الجنوبية، ومنها زفتا، أو في مناطق لبنانية أخرى، إذ إن بعضاً من الضحايا الذين سقطوا على هذا الأوتوستراد هم من خارج المنطقة وكانوا يعبرون صدفة عليه».
ويشير حمزة إلى أن «اتحاد بلديات الشقيف يقوم ببعض الدراسات لتفادي هذه الأزمة وسيطلع المواطنين عليها بعد جهوزها».