انطون الخوري حرب
لا يسنغرب رئيس الجمهورية اميل لحود الحملة التي يشنها عليه «فريق 14 آذار»، و لا انضمام وزير العدل شارل رزق الى هذا الفريق في موضوع المحكمة الدولية. لا بل كان لحود يتوقع هذه الحملة وهو يعيش حال جهوزية دائمة مع الأكثرية التي تنازله في كل مكان وزمان. ويكشف الرئيس لحود لزواره عن طمأنة وزير العدل له منذ فترة طويلة بأن نصوص المحكمة الدولية لن تكون غامضة، الى ان سمع بقدوم مسؤول من الأمم المتحدة ليبحث مع رزق والقضاة اللبنانيين في مسألة مسودة نظام المحكمة نفسها. واضاف انه ذكّر وزير العدل بالمادة 52 من الدستور التي تنيط برئيس الجمهورية القيام بالمفاوضات الدولية، مستغرباً توزيع رزق المسودة على الجميع باستثناء رئيس الجمهورية، عازياً السبب الى الخوف من كشف الحقائق، ومؤكداً اصراره على كشف مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومعاقبتهم، شرط ان تكون المحكمة متجرّدة و غير مسيّسة. لكن وزير العدل لم يرسل المسودة الى الرئيس الاّ السبت الفائت.
وكشف لحود لـ «الأخبار» عن تسلمه مسودة اولى مضخّمة، كان الغرض منها المناورة من اجل امرار المسودة الثانية التي اكتشف فيها «طعماً» يقضي بطمأنة الرئاسة الى استمرار حصانتها امام المحكمة، حتى الى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس، في مقابل تنازله عن ملاحظاته. ويذكّر لحود بأنه كان اول من طالب الأمم المتحدة باجراء تحقيق دولي في الجريمة، «ولكن للأسف حصل تفاهم بعد ذلك بين الأمين العام للأمم المتحدة والبعض في لبنان، وبنتيجته قالوا ان هناك 4 مسؤولين لدينا شك في ارتكابهم عملية الاغتيال، وحصلوا على شهود، ووضعوا هؤلاء المسوولين في السجن. وحصلت تحقيقات بواسطة مدع عام اتى من الخارج، ولم تصل التحقيقات الى قرار اتهامي. و مرّت سنة وثلاثة اشهر و لا احد يسأل عن هؤلاء الموقوفين».
وذكّر لحود بان القاضي ديتليف ميليس «انحرف خلال مهمته عن المهنية ما ادى الى تنحيته عن الملف». وتطرّق الى طلب وزير العدل منه توقيع تعهّد بالعفو عن الشاهد السوري محمد زهير الصدّيق، كشرط لتسليمه من السلطات الفرنسية الى لبنان. وانه وقع التعهّد ولم يحضر الصدّيق بعد، رغم وعود رزق للرئيس بمراجعة السفير الفرنسي بالأمر في الليلة ذاتها التي ظهر فيها الصدّيق على التلفزيون متهماً لحود بالمشاركة في الجر يمة. وفي اليوم التالي لم يرسل وزير العدل مسودة المحكمة، حتى ظهرت المسودة النهائية قبل ايام.
وأضاف لحود انه اشترط على رزق «ارسال المسودة اليه قبل تحديد موعد له في القصر الجمهوري، بعدما ارسلها من دون احالة رسمية. وبعد ان أعاد ارسالها وفق الأصول، درسها من اختصاصيون فتبيّن ان بعض البنود في حاجة الى توضيح وتعديل، لتكون المحكمة دولية حقيقية، ولا تستعمل أداة سياسية، وكي لا يأخذوا عبر تسييس المحكمة الدولية ما لم يتمكنوا من أخذه بالحرب».
و كشف لحود انه ارسل ملاحظاته على المسودة الى وزير الخارجية فوزي صلوخ، «لأنه استناداً الى الدستور لا علاقة لوزير العدل بالمفاوضات الدولية»، طالباً من السياسيين «رفع ايديهم عن المحكمة الدولية»، ومذكراً بطلبه من وزارة العدل تحضير شكوى ضد اسرائيل لرفعها الى مجلس الأمن و محكمة العدل الدولية، «ولم ترفع هذه الشكوى حتى اليوم، رغم ان بريطانيا كشفت عن استعمال اسرائيل قنابل اليورانيوم والقنابل الفوسفورية والانشطارية».
وأكد لحود اعتراضه على البحث في موضوع المحكمة الدولية، من الأساس، قبل انتهاء التحقيق وصدور قرار اتهامي، مبدياً ارتيابه في عدم شمول صلاحية المحكمة جرائم مثل جريمة اغتيال الأخوين مجذوب في صيدا، ومتسائلاً عن «الاغفال المشبوه» للجرائم التي ارتكبتها اسرائيل. وعزا استعجال الأكثرية تهريب المحكمة الدولية، الى محاولتها استباق التطورات المتوقعة في كل من الولايات المتحدة و فرنسا من استحقاقات انتخابية.
وأعاد رئيس الجمهورية التذكير أمام زواره بوقوفه في وجه مشروع خصخصة قطاع الخليوي، مقترحاً تشغيل هذا القطاع من قبل الشركات الخاصة، «وهذا ما يحصل حالياً، وباتت ارباح الدولة السنوية من هذا القطاع تفوق مليار دولار»، ليختم بالدعوة الى «عدم ذر الرماد في العيون. فهم يطالبون بهيئة ناظمة للاتصالات، لكن هذه الهيئة يجب ألا تكون تابعة لأحد. وعندما اقول هذا الكلام يقولون ان هناك محاصصة، و انا اتحدى ان اكون طلبت تعيين ولو حاجب بسيط منذ مجيئي الى السلطة. لكن للأسف لديهم اعلام وقح يتولى مهاجمة الناس. وهم يحاولون تضييع هذا الموضوع بآخر مهم هو موضوع المحكمة الدولية».