strong>غسّان سعود
تبدأ رانيا مرهج وسارة مراد، طالبتا الجامعة الأميركية في بيروت المتطوعتان في جمعية «نحو المواطنية»، كلامهما بالقول: « نبحث عن شيء جديد يشجعنا على النشاط الطالبي»، «الشباب يريد أموراً غير الانتخابات لينشط في الجامعات»، «القوى الطالبية الفاعلة لا تسعى إلى التغيير المطلوب»... ويستفزهما السؤال عن غاية العمل في إطار «المجتمع المدني»، فتقولان «نحن نبحث عن بديل، أو نحن نصنع بديلاً». وتؤكّدان أن المشروع الذي تعملان عليه مع الجمعية هو خطوة أولى، خطوة أولى للمواطنية على الطريق الصحيح.
نعت المشروع، الذي يحمل عنوان «اقتراح تعديل قانون الإثراء غير المشروع الرقم 154/99»، بالممل، يزيد من حماسة الفتاتين في الدفاع عنه. وهو، وفقاً لهما، ضروري كبداية للتغيير. تتدخل سحر فرنجية، إحدى العاملات في الجمعية، مؤكدة ضرورة أن يُعنى الشباب بهذا المشروع، وأن ينجذب للتعرف عليه والعمل لأجله، وخصوصاً أن ظاهرة الفساد تأخذ اليوم أبعاداً اجتماعية خطرة، وبات ضرورياً تحديث القانون المتعلق بمكافحتها. وتشير إلى احتواء المشروع على ثُغر أدت وتؤدي إلى عدم فعاليته في مكافحة ظاهرة الفساد، والدليل عدم تقدم أي شكوى استناداً إليه. ويهدف مشروع التعديل إلى تضمين القانون إجراءات فعّالة تسمح بإصلاح الأوضاع السياسية والإدارية.
وكان العمل قد بدأ بإعداد الباحث سليمان تقي الدين اقتراح تعديل القانون. ويجري اليوم انتقاء 128 طالباً جامعياً وتدريبهم ليغدوا مجموعات ضغط، يتحركون باتجاه النواب والوزراء وربما مسؤولين آخرين، لطرح الموضوع على اللجان المختصة في المجلس النيابي، وتبنّي عريضة خاصة، توزعها الجمعية في الجامعات ومختلف المنتديات الثقافية. من جهتها، تقول ندى خليل، طالبة اليسوعية، إن معظم الشباب الذين تعرفهم يبحثون عن الشفافية ويريدون تفعيل عمل القانون للوصول إلى محاسبة حقيقية. تحسم خليل الجدل، مؤكدة أن الإثراء غير المشروع، كجزء من مكافحة الفساد، هو أكثر ما يعني المواطن اللبناني الرازح تحت نير الفاسدين.
تبتسم سحر قائلة إنها محاولة من الشباب لأداء دورهم، مجتمعين، ودون الدخول في التفاصيل التي يرثونها عن قياداتهم. وتطال التعديلات، الفقرة 5 من المادة 4 من القانون، بحيث يُقدم التصريح موقّعاً من صاحب العلاقة على مسؤوليته الكاملة. ويشمل كامل ذمّته المالية، ويكون التصريح قابلاً للاطلاع عليه من كل راغب في تقديم الشكوى الجزائية بناءً على ترخيص من النائب العام التمييزي. أما المادة الثامنة، فتنص وفقاً للتعديل: «في دعاوى الإثراء غير المشروع، وخلافاً لكل نص، لا تحول دون الملاحقة الجزائية الأذونات أو التراخيص المسبقة. ومع مراعاة أحكام الدستور، إن القضاء الجزائي العادي هو صاحب الصلاحية في دعوى الإثراء غير المشروع في جميع الأحوال وتطبق أصول المحاكمات الجزائية العادية دون التذرع بالحصانات الدستورية».
وإضافة إلى تعديل المادة 10، تعدل الفقرة 2 من المادة 13 بحيث «يطبق قاضي التحقيق أو المحكمة المختصة قاعدة سرية الجلسة الخاصة بالتحقيق والمحاكمة ولا يمكن التذرع في هذه الحال بقانون سرية المصارف ولا سيما المادة 7 من القانون الصادر في 3 أيلول عام 1956». وإلى المواد 15 و 16 و 17، يطال التعديل أيضاً المادة 18 فيرى أن مدة مرور الزمن على جرم الإثراء غير المشروع خمس وعشرون سنة لجهة الحقوق المدنية واسترداد المال العام، وعشر سنوات لجهة تطبيق العقوبات الجزائية المنصوص عنها في قانون العقوبات. الصبايا يتحدّثن عن المشروع كقضية جامعة، ويلفتن إلى تجاوب طالبي من جامعات بيروت، وخصوصاً الأميركية واللبنانية ـــ الأميركية واليسوعية، إضافة إلى الجامعات الخاصة في مختلف المناطق وخصوصاً البلمند.
وبعدما همّت الطالبات بالرحيل، تعود رانيا لتُطل برأسها قائلة «نحن طلاب نهدف إلى تغيير الثقافة السياسية في لبنان والمنطقة وتحويلها إلى نظام حكم أكثر تشاركية وداعم لممارسة الناس حقوقهم ومسؤولياتهم، أي نحو مواطنية ملتزمة»... تختفي الفتيات، يبتسم موظف الاستقبال، مردداً «هن طبعاً لا ينتمين إلى أيٍ من الأحزاب التي نعرفها».