برلين – غسان ابو حمد
حقّقت زيارة وزير الدفاع الألماني فرانز جوزف يونغ إلى بيروت أمس مطلبا "عسكريا" إنعكس إيجابيا على الساحة الحزبية في الداخل الألماني، وهو منح الصلاحية الكاملة والمطلقة للقوات البحرية الدولية العاملة بإمرة القيادة الألمانية بالتحرك على كامل الشاطىء اللبناني، بما في ذلك الأميال البحرية الستة، التي كانت صلاحية التحرك العسكري فيها غامضة وضائعة بين إصرار الجانب اللبناني على إعتبار هذه المساحة خاضعة للسلطة اللبنانية، وذلك عبر وزارة الدفاع اللبنانية وعبر ضابط لبناني يرابط في شكل دائم على متن البارجة الحربية الألمانية "ماكلنبورغ فوربومن" لنقل أوامر التحرك العسكري ضمن الأميال الستة.
وتجدر الإشارة هنا إلى التضارب الواضح بين الموقف الرسمي اللبناني الذي كان يعتبر الأميال الستة خاضعة للسيادة اللبنانية وبين الموقف الرسمي الألماني الذي كان يعتبر أن القرار اللبناني إستشاري وغير ملزم عند إشتباه القوة الألمانية بأي مركب بحري ينقل أسلحة.
وكانت وكالة أنباء "شتيرن أونلاين" أشارت أمس إلى أن زيارة وزير الدفاع الألماني إلى بيروت إنتزعت من السلطة اللبنانية الحق بصلاحية التحرك العسكري على كامل الشاطىء اللبناني.
إلى ذلك، أكد الناطق بإسم البحرية الألمانية، الضابط ديرك غروس، أن السلطة اللبنانية طلبت من البحرية الألمانية ممارسة سيادتها على الشاطىء اللبناني بكامله، بما في ذلك الأميال الستة، وصلاحية التحرك العسكري بحرية تطبيقا لبنود القرار الدولي 1701 . وأشار الناطق إلى أن التبرير لتوسيع الصلاحية العسكرية الألمانية ضمن الأميال الستة هو إرتفاع الأمواج البحرية وعدم إمتلاك الجانب العسكري اللبناني لقوارب بإمكانها التحرك السريع ضمن أمواج البحر المرتفعة. وأضاف الناطق ديرك غروس، بأن قرار وضع الاميال البحرية الستة بإمرة البحرية الألمانية مكنها من تفتيش 380 مركبا بحريا عبر السؤال الهاتفي عن طبيعة حمولتها والهدف الذي تتوجه إليه.
وقال الناطق العسكري بإسم البحرية الالمانية إن الحكومة اللبنانية توجهت يوم الأربعاء الماضي بطلب رسمي إلى الأمم المتحدة لتوسيع صلاحية قوات "يونيفيل" كي تشمل كامل مساحة الشاطى اللبناني بما في ذلك الأميال البحرية الستة التي كانت معتبرة جزءا من السيادة اللبنانية بحجة عدم إمتلاك البحرية اللبنانية لقوارب بإمكانها مواجهة الأمواج البحرية العاتية والمرتفعة والتي تمكنها من تفتيش قوارب يشتبه بنقلها أسلحة إلى حزب الله.
وقد أرسى وزير الدفاع الألماني الذي وصل إلى بيروت مساء أول من أمس لتفقد الوحدة الألمانية العاملة ضمن قوات «اليونيفيل» معادلة لضمان وقف النار وتأمين الاستقرار في الجنوب قوامها «السيادة للبنان والوجود لإسرائيل، موضحاً أنها تشكل مكونات القرار الدولي 1701، مشدداً على ضرورة بذل الجهود لإيجاد حل واضح للمشكلة الفلسطينية ـ الإسرائيلية من خلال تطبيق خريطة الطريق، والتوصل إلى حل سلمي سياسي للمنطقة.
وأجرى يونغ أمس محادثات مع كل من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ووزير الدفاع الياس المر شارك فيها من الجانب الألماني وفد رفيع ضم نائب قائد الجيش الجنرال بيتر دورا.
وصرح يونغ للصحافيين بأنه ناقش مع رئيس الحكومة «مدى أهمية مساهمة اليونيفيل في ضمان وقف النار ودعم سيادة لبنان»، منوهاً بالتعاون الوثيق بين القوات الألمانية وقوات البحرية اللبنانية، وأضاف: "أعتقد أن علينا بذل كل جهد من أجل ضمان وقف إطلاق النار والتوصل الى حلول سياسية للشرق الأوسط. وهنا أعتقد أنّ علينا أن نطبق كامل مكونات القرار الدولي وهي السيادة للبنان والوجود لإسرائيل وحل واضح للمشكلة الاسرائيلية - الفلسطينية». وعن الخروق الإسرائيلية، أجاب: "المهم تطبيق قرار الأمم المتحدة 1701 وضمان تنفيذ روحيته احتراماً لدور القوات البحرية. حصلت طلعات جوية إسرائيلية راجعت بشأنها الجانب الإسرائيلي، وآمل ألا نواجه أحداثاً أخرى ونأمل أن نتعاون جميعاً على التطبيق الكامل للقرار ». وأعرب يونغ بعد اجتماعه مع المر عن امتنانه «للتعاون الجيد حيال تطبيق القرار الدولي ومهمتنا في اطار قوات اليونيفيل بحيث نؤمن السواحل اللبنانية مع القوات البحرية».
وعلمت «الأخبار» من مصدر مطلع على أجواء المحادثات التي أجراها يونغ مع السنيورة والمر أن الغرض الأساسي من زيارة الوزير الألماني إلى لبنان الاطلاع المباشر على ما تقوم به القوة البحرية الالمانية في المياه الاقليمية وعلى الشواطئ اللبنانية، وعلى حقيقة الوضع على ارض الجنوب بعد انتشار الجيش اللبناني فيه ومؤازرة «اليونيفيل» له». وتبين ان يونغ الذي ابدى استياءه من استمرار الخروق الاسرائيلية للاجواء اللبنانية لم يحمل معه ما يفيد بوقف هذه العمليات، آملاً في الوقت نفسه وضع حدٍّ لها، مشيراً إلى أن التنفيذ الكامل للقرار 1701 والتزام المعنيين بتطبيقه يساهمان بتعزيز الهدوء في الجنوب ويحفظان أمن لبنان، وهو الأمر الذي ينعكس ايجاباً على الاستقرار في المنطقة.