النبطية ـــ كارولين صباح
تتخفّى عشرات الآلاف من القنابل العنقودية، وقنابل الطيران، على أغصان الشجر وبين أوراقها، وتحت الأرض وبين المنازل المأهولة، تصطاد الأبرياء يومياً لتتحول آفة تصيب يوميات الجنوبي، وخصوصاً المزارعين الذين يشكلون الشريحةالأكبر من أبناء القرى الجنوبية، والذين يعتاشون من الزراعات الموسمية والدائمة، ويعيشون القلق والتوتر نتيجة الخوف من عدوّهم المتخفي، وهذا ما برهنته الأيام التي تلت وقف العدوان.
من يحمر (الشقيف)، إلى أرنون، زوطر الغربية، زوطر الشرقية، كفررمان، فرون، كفرتبنيت، ومناطق مرجعيون وحاصبيا، قرى تجمعها مصائب الدمار والقتل والخراب، وصولاً إلى «فخاخ الموت» التي غطت المساحات الواسعة وحصدت العشرات من القتلى والجرحى.
«خسائري هذه السنة لا تقدر بالمال. عند بدء العدوان تركت أرضي بعدما زرعتها بالخضر، عدت بعد العدوان لأجد أن ما زرعته احترق معظمه وما تبقّى منه يبس»، يقول الحاج أبو حسن مروة الذي يراقب حقله في قريته يحمر ويضيف: «ماذا أقول عن موسمي التبغ والزيتون؟ نحن عائلة تعتاش من المدخول الذي تحصّله من هذين الموسمين بشكل أساسي. هذه السنة، يبست شتول التبغ قبل قطافها، ولم نستطع إنقاذ الكثير. أمّا الزيتون فلا نجرؤ على التقدّم نحو حقولنا لرؤيته، بسبب القنابل العنقودية. يومياً تشهد قريتنا أو القرى المجاورة سقوط جرحى او شهداء؛ وحالي كحال غالبية أبناء قريتي المزارعين، نعاني ضائقة مادية جدية ونحن بحاجة ماسة إلى المساعدة من الدولة، بحيث تقوم بوضع آلية للتعويض على المزارعين المتضررين، ولو بمبالغ رمزية، لأنّ المصيبة وقعت والخسائر كبيرة».
الخطر الذي يعانيه المزارعون بسبب القنابل العنقودية وقنابل الطيران غير المنفجرة، يتزايد يوماً بعد يوم. ومعظم الإصابات بعد الحرب وقعت خلال قيام المزارعين بأعمالهم داخل الحقول، أو تحت أشجارهم.
والخطر يتفاقم في أيام الشتاء حيث تنغرز القنابل في داخل التربة مع هطول الامطار، فيصعب إيجادها ومعالجتها، ما يتطلب جهداً مضاعفاً من الحفر داخل الحقول، وفي معظم الأراضي المشبوهة، التي هي حقول زراعية وقريبة من المنازل السكنية. لذلك يتطلب تعطيلها معالجة دقيقة وحساسة. وقد يتطلب العمل لحل المشكلة الحالية سنوات عديدة، وخصوصاً أنّ العمل الذي بدأ بعد خروج إسرائيل عام 2000 كاد يشرف على نهايته، بيد أن الحرب الأخيرة أعادت مشكلة الألغام الى نقطة الصفر.