عمر نشابة
حكمت أمس المحكمة الجنائية العراقية العليا برئاسة القاضي روؤف رشيد عبد الرحمن بالإعدام والسجن على الرئيس العراقي السابق صدام حسين وسبعة من مساعديه في قضية مقتل 147 من القرويين في بلدة الدجيل في أوائل الثمانينيّات. وتحدثت منظمة العفو الدولية لاحقاً عن «أخطاء جسيمة» ارتكبها القضاة خلال الجلسات وفي كيفية إصدار الأحكام كما اعترضت المفوضية العليا لحقوق الإنسان على أحكام الإعدام. وما يمكن أن يلاحظه أي مشاهد لجلسات تلاوة الأحكام على شاشات التلفزيون هو حال الفوضى في إدارة تلك الجلسات. فالقاضي عبد الرحمن يبدو وكأنه لا يتمالك أعصابه فيحاول تغطية إرباكه بتعبيرات غضب ارتسمت على وجهه وبمخاطبته الحضور بلغة عنيفة لا تخلو من عبارات التجريح. من جهة ثانية يبدو واضحاً عدم تنظيم الجلسات بشكل لائق مهنياً. كان يمكن أن يستدعي القاضي فريق الدفاع وفريق الادعاء الى مكتبه لحلّ المشاكل التي تعترض مجريات المحاكمة، وخصوصاً بعد أن طرد حسين أربع مرات من قاعة المحكمة وغاب فريق الدفاع لعدة جلسات وقتل عدد من المحامين. لكن ذلك يتطلّب ثقة القاضي بالنفس ومعرفة دقيقة ومعمّقة بالأصول والقانون وقدرة على المخاطبة والإقناع ولا يبدو أن عبد الرحمن يمتلك تلك الصفات. فمثلاً خلال تلاوة الحكم خاطب صدام القاضي مقاطعاً لكن القاضي لم يتوقف لأن القانون يقتضي أن يتلى الحكم بوجود المتّهم. ولكن في الوقت نفسه تدخّل المدعي العام جعفر الموسوي وتهجّم على المتّهم ولم يطلب القاضي من الموسوي السكوت أو الخروج من القاعة رغم أنه تكلّم بدون أن يُعطَى إذناً بذلك. بينما طرد القاضي قبل ذلك المحامي الاميركي رمزي كلارك بعد أن قدم مطالعة اعتبرها «مهينة». وكان من المفترض أن يجتمع القاضي مع فريق الدفاع ويناقش معهم الإشكاليات وطريقة حلّها بالعودة الى حرفية نصّ القانون لا طرد محام عبّر عن تقويمه لسير المحاكمات. لكن يبدو أن في العراق كما في غيره من بلدان المنطقة العدل غائب عن عقر داره.