بنت جبيل ــ داني الأمين
بعد الدمار الهائل الذي تعرّض له مبنى ثانوية الطيبة الرسمية، يحاول طلاب الثانوية استئناف عامهم الدراسي في الغرف الباقية من المبنى، لكن بين الركام والضجيج الذي تحدثه أصوات آلات البناء المنتشرة داخل الثانوية.
يدخل الطلاب كل يوم الى صفوفهم ليبدأوا عملهم بتنظيف طاولاتهم من الغبار الكثيف الناجم عن أعمال البناء، ويحاولون إغلاق نوافذ غرف الدراسة بالنايلون الذي تعمد ادارة المدرسة إلى تأمينه، حتى يحين الوقت الذي يلتزم به العمال بتركيب الزجاج. فمن الصعب الحصول من هؤلاء العمال على “وعد صادق” بسبب التزاماتهم الكثيرة الناجمة عن زيادة الطلب من اصحاب المنازل المتضررة.
اما الأساتذة فيعانون بدورهم صعوبة تركيز تلامذتهم في أثناء شرح الدروس. فالأصوات مزعجة والأجواء غير مشجعة، فكيف ستكون الحال في برد الشتاء الآتي على عجل هذا العام.
أما طلاب مدرسة رشاف الرسمية الذين انتقلوا الى مبنى المدرسة الجديد، فهم بحاجة الى وسائل نقل خاصة تقلّهم كل يوم الى المدرسة بسبب طريق المدرسة الترابية الطويلة والوعرة، وبرك المياه الموحلة المنتشرة على هذه الطريق جرّاء الأمطار الغزيرة. أمّا “الهنغار” فليس البديل الموقت لمدرسة رشاف الرسمية، بل هو مكان المدرسة الأصلي الذي كان معتمداً لتعليم طلاب البلدة (قضاء بنت جبيل). فالحرب هنا لم تكن السبب في اعتماد هذا المكان الاضطراري لتعليم أبناء البلدة! بل تقصير الدولة على مدى الأعوام الماضية، قبل التحرير وبعده، جعل من هذا “البيت الجاهز” مكاناً ثابتاً للمدرسة، برغم المحاولات الكثيرة لتبديل المكان، التي أدت بعد سنوات طويلة الى بناء مدرسة جديدة، لكن في مكان بعيد نسبياً عن وسط البلدة وعلى طريق ترابية وعرة وطويلة تحتاج إلى تعبيد. ولم تلجأ الدولة الى ذلك برغم جهوزية البناء الجديد منذ أكثر من سنتين، وبرغم الحاجة الملحّة الى ذلك.
فالحرب التي دمّرت جزءاً من “الهنغار” هي التي دفعت ادارة المدرسة الى استخدام المدرسة الجديدة برغم صعوبة الوصول إليها، وخصوصاً في أيام المطر. تقول المدرّسة مريم جفّال: “كنا نخاف أن نذهب الى المدرسة الجديدة خوفاً على سياراتنا من الخراب بسبب طريقها الوعرة، أما الآن فلا سبيل آخر أمامنا، خصوصاً أن معظم سياراتنا قد تعطلت بسبب القصف الإسرائيلي”.