كارل كوسا
كارثتان طبيعيّتان، ساهم الإنسان في تفاقمهما، تُهددان سلامة سكّان بلدية الخنشارة، ولا مِن استجابات جدّيّة ومهمّة وكبيرة، حتّى الساعة، تناسب حجم الكارثة (ما عدا الوعود). تقع الكارثة الأولى عند مدخل قرية بتغرين المتنيّة، وتتمثّل في انهيار التربة في بقعة مُحاطة بمبانٍ سكنيّة وتجاريّة. هبوط التربة يزداد، يوماً بعد يوم، في شكل ملحوظ، لتزداد معه هواجس السكّان المحيطين وتتضاعف. انهيار آخَر في التربة، يقع أمام مدرسة القدِّيس جاورجيوس في الخنشارة، وعلى الرغم من بدء السنة الدراسيّة فلا يزال على حاله. أفعال مثل «عم تقشط» و«تشلُق» و«تزحل» يردّدها كثيراً هناك أهالي المنطقة المنكوبة، لا من جرّاء اجتياح صهيونيّ، ولكن بسبب ما اقترفته يدا أحد قاطني البلدة غير المكترث بالمصلحة العامّ. حتّى إنّ المشهد يبدو مِن مخلّفات هزّة أرضيّة، فيُعزِّي قاطنو المكان بعضهم البعض بعبارة «عاسلامة إن شاء اللهstrong>فقدان الكهرباء... هاجس
بدأت مشكلة طريق مدخل بتغرين تبصر النور، منذ أن اشترى أحد الساكنين أرضاً مجاورة ليقيم عليها مبنى، قبل بضع سنوات، ليقرّر، أخيراً، أن ينشىء ساحةً موازية للعقار، من دون استئذان البلديّة أو علمها، على الأقلّ كما يروي ربيع صليبا صاحب أحد المحال التجاريّة في العقار المذكور، ما يخالف القانون في شكل لا لبس فيه. ويكمل صليبا قائلاً «لا نعرف نيّاته الحقيقيّة الكامنة وراء هذه الحفريات، أهي ساحة أم شيء آخَر». ظلّ مستمرّاً في الردم إلى أن أوقفته بلديّة الخنشارة (التي يتبع مدخل قرية بتغرين لها عقاريّاً) قبل أسبوعين رسميّاً عن متابعة أعماله العشوائيّة، وخاصّة أنّ تلك البقعة «الشالقة» من التربة تحوي في أغوارها نبع مياه أصلاً، وأنّها غير صالحة للبناء. هبوط التربة، أوّل من أمس، أدّى إلى انقطاع في التيّار الكهربائيّ عن محيطها. أمّا ما يُضاعِف مخاوف قاطني الحيّ هو عمود الكهرباء ذو التوتّر العالي المنتصب وسط الردم، فيخشى صليبا من «انقطاع الكهرباء عن بتغرين، إثر تهاوي العمود وقطع الطريق، لكونه يُغذّي بلدة بتغرين كلّها، وبالتالي، قطع الطريق الرئيسة للبلدة، ناهيك عن احتمالات وقوع حوادث سير ، قد تنتج، أيضاً، من ضيق أصاب الطريق السالكة على الجهتين والتي ما عادت تستوعب سوى سيّارة واحدة. قامت بلديّة الخنشارة، أخيراً، بوضع حواجز بلاستيكيّة على جانب الطريق المنهارة ونصب إشارة سير لتنبيه السائقين. ووصَلوا، أمس، الحواجز بشريط ورقيّ لا يجنّب المواطنين الوقوع في الحفرة.
سياسة أم تخاذل؟
معظم أهالي القرية يطالبون المعنيّين بمتابعة موضوعهم. وتعمل بلديّة الخنشارة ما في وسعها، يؤكّد صليبا، لحلّ الكارثة، لكنّ التلكّؤ، ينقل صليبا، «يكمن في وزارة الأشغال، التي لا تسعى بالقدر الكافي، إلى وضع حلول جذريّة لمشكلة أمست كابوساً يقضّ مضاجع السكّان». ولسليم الرياشي (أحد السكان) رأي مختلف. فهو يلوم بلديّة الخنشارة، في الدرجة الأولى، ومن ثمَّ وزارة الأشغال. فيعتبر «البلديّة هي الجهة المعنيّة الأولى.. لم يقوموا بوضع الحواجز البلاستيكيّة الفاصلة إلّا أوّل من أمس، عندما علت صرخة الأهالي»، ويتساءل الرياشي «هل هناك من معوّقات سياسيّة تحول دون معالجة هذه المصيبة؟». ويخشى الرياشي من انقطاع الكهرباء عن البلدة بكاملها علماً أنّ «شبكة الكهرباء لدينا هي من أيّام شركة نصّار الخاصّة التي أقيمت في بكفيّا منذ 50 سنة». قناة المياه المحيطة بالحفرة سُدَّت كذلك وخلت من أي مياه لتمسي اسماً لغير مسمى.
البلديّة تتابع... الوزارة تَعِد
ويفيد رئيس بلديّة الخنشارة والجوار منير سلمان سماحة أنّ البلديّة تتابع الموضوع باهتمام بالغ. وعن سبب التأخّر في اجتراح حلّ للكارثة المتكرّرة أمام مدرسة، يقول «موازنة الدولة هي ما كان يُرجِىء المسائل». ويُبشِّر سماحة أهالي تلامذة «مار جاورجيوس» بوعد قطعه وزير الأشغال يقضي بتنفيذ الطريق خلال شهر حدّاً أقصى، بعد تنامي مخاوف الأهالي مِن أن يمتدّ الانهيار ليشمل المدرسة، تمهيداً لمعالجة انهيار مدخل بتغرين. وفي هذا الشأن وعد الرئيس ميشال المرّ، بعد اتصال أجرته البلديّة معه، بملاحقة كارثة مدخل بتغرين، مسقط رأسه، لحماية المنازل وأصحابها.