وفيق قانصوه
يقول زوار دمشق إن ارتياحاً كبيراً يسود العاصمة السورية التي لم تشهد «عجقة» موفدين غربيين كتلك التي تشهدها هذه الأيام منذ فترة طويلة، من زيارة نايجل شينوالد، المستشار الخاص لرئيس الوزراء البريطاني طوني بلير الأسبوع الماضي، الى كلام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل يومين عن ضرورة إعطاء دمشق فرصة، الى زيارات أخرى لوفود دبلوماسية وأمنية، أحدها أميركي، بعيداً من الإعلام، تبحث مع المسؤولين السوريين في الشأن العراقي تحديداً، وخصوصاً بعد الرقم القياسي الذي سجل الشهر الماضي لقتلى جنود الاحتلال، «وهو أقل من العدد الفعلي لقتلى الجيش الأميركي».
ويلفت هؤلاء الى أن هذه الحركة ترافقت مع الأنباء عن التقرير الذي أعدّه وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر، أحد رئيسي «لجنة دراسة العراق»، والذي سيصدر بعد الانتخابات النصفية الأميركية، مقترحاً مخارج للمأزق الأميركي في العراق، من بينها التحاور مع دمشق وطهران.
وينقل الزوار عن مصادر سورية رفيعة أن «الموقف السوري القوي بدأ يلقى أصداءً في لبنان، بعدما تأكد من هم على خصومة مع دمشق اليوم، استحالة حشرها في الزاوية، إثر فشل مراهناتهم على إسقاط النظام بعد خروج الجيش السوري من لبنان العام الماضي». وتلمّح المصادر الى أن بعض هؤلاء بدأ يحسب حساب «خط الرجعة»، لافتة الى أن بعض شخصيات 14 آذار من غير النواب زار دمشق أخيراً، كل على حدة، عبر مطارات أوروبية (روما، جنيف، لارنكا)، بجوازات سفر عادية، لعدم لفت الانتباه، وبحث مع المسؤولين السوريين في سبل ترطيب العلاقات، من دون توضيح ما اذا كان هؤلاء يمثلون أركاناً أساسيين داخل قوى 14 آذار.
كما تلفت المصادر الى حركة وسطاء تجددت في الأسبوعين الأخيرين، على خط إصلاح العلاقات بين دمشق ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، موضحة أن آخر هؤلاء كان وسيطاً روسياً (ربما كان رئيس الوزراء الروسي السابق يفغيني بريماكوف الذي زار سوريا أخيراً). لكنها لم توضح ما اذا كان هؤلاء الوسطاء يتحركون بطلب من جنبلاط أم من تلقاء أنفسهم، بحكم العلاقات التاريخية التي تربطهم بالجانبين. أما الجواب السوري فكان: «لسنا في حاجة الى تصحيح العلاقة مع جنبلاط بعدما باتت أيام الأكثرية معدودة، إن بقبولها تعديلاً حكومياً يعطي المعارضة الثلث الضامن، أو بإسقاطها في الشارع».
وتعتقد المصادر السورية أن جلسات التشاور التي بدأت أمس لن تنتهي الى اتفاق «المتشاورين»، وأن الأمور ذاهبة الى الشارع، «لأن الأكثرية تدرك أن قبولها بالتعديل الحكومي سيكون بداية أفولها، فهي من جهة ستفقد صدقيتها أمام شارعها، بعدما عجزت عن الوفاء بوعودها له، من حل مسألة رئاسة الجمهورية الى حل قضية نزع سلاح «حزب الله»، ومن جهة ثانية تدرك أن في صفوفها من النواب من هم جاهزون للخروج منها الى صفوف المعارضة، إذا تأكدوا من أن الأخيرة باتت تمتلك زمام الأمور في الشارع».