نعمت بدر الدين
شكّل استصدار تشكيلات السفراء قبل نحو أسبوعين، في ظل الاتهامات المتبادلة بين مختلف الأفرقاء، مفاجأة كبيرة. واذا كانت مصلحة «الجميع» أملت الاتفاق، فإن ذلك لا يقلل من مواظبة الوزير فوزي صلوخ على متابعة هذه المسألة في حينه، وتدويره بعض الزوايا، تسهيلاً للاتفاق.
المهم أن هذا الإنجاز لوزير الدبلوماسية مُرّر من «خروم الابر»، قبل ارتفاع حدّة التصعيد وانتقاله الى الشارع لتغيير الحكومة. لكن التحدي الذي سيفرض نفسه يتعلق بطبيعة الواقع السياسي الذي سيعمل في ظله السفراء المعينون في الخارج، وفي مناصب حساسة في الإدارة المركزية. فتسوية التشكيلات قضت بموافقة رئيس الجمهورية على تعيين خمسة سفراء من خارج الملاك من الطائفة السنية ومن المحسوبين على تيار «المستقبل»، في ظل مقاطعة هذا التيار للرئيس لحود.
أما بالنسبة الى العائدين إلى الإدارة المركزية، فإن الأمر الوحيد الأكيد أن السفير هشام دمشقية سيكون أميناً عاماً للوزارة، بينما تبقى مواقع حساسة، مثل مديري الشوؤن السياسية والقنصلية، الشؤون الإدارية والمالية، والمنظمات الدولية والعلاقات الثقافية، التفتيش، الشؤون الدولية، الشؤون العربية، مسؤول الشراكة الأوروبية اللبنانية، غير معروفة الملامح.
فعلى أي أساس سيُعَيَّن السفراء في هذه المراكز؟ وهل ستعتمد الحسابات السياسية نفسها التي تحكمت في اصدار التشكيلات، فيُعَيَّن المحسوبون على الأكثرية في المواقع الحساسة؟ أم تنعكس الانقسامات في هذه التعيينات؟
تحدٍّ جديد يطرح نفسه أمام صلوخ الذي يوظف هدوءه وخبرته في محاولات إيجاد الحلول. ويؤكد عارفون أن ليس من السهل تصنيف السفراء العائدين إلى الإدارة المركزية سياسياً، فقد يكون ذلك ظلماً للبعض منهم. ولكن الأكيد أن ثمة تاريخاً لكل دبلوماسي ومجموعة سلوكيات في المراكز التي عمل فيها، ستسمح في الحد الأدنى بالتمييز بين من هو «موظف» ومن هو «مسيس».
ولأن السياسة موقف، فإن المنطق يقضي بأن يكون لكل موقف ثمن. ويشير المراقبون هنا إلى تجربة السفير فريد عبود الذي نقل من واشنطن وعين في تونس، بسبب مواقفه، كما قيل. فهل تتكرر الظاهرة في تشكيلات الإدارة المركزية؟