strong>محمد دياب
جرت أمس امتحانات الدخول في كلية الآداب والعلوم الإنسانية (الفرع الأول). وكان عدد المتقدّمات فيها يفوق بأشواط عدد المتقدّمين، ما يعكس انصراف الشبّان عن مهنة التعليم. وفي حين كانت الأسئلة سهلة، عبّر معظم الطلاب عن قناعتهم بأنّ «الواسطة» ستكون لها الكلمة الفصل في النجاح والرسوب

الترقّب وبعض علامات الخوف واللامبالاة المتزامنة مع حديث موسّع عن «الواسطة». هذه هي أجواء امتحانات الدخول في كلية الآداب والعلوم الإنسانية (الفرع الأول).
الاختصاصات الرئيسية في الكلية هي اللغات (العربية - الفرنسية - الانكليزية) ومعيار الطلاب في اختيارهم التقدم لاختبار الدخول لا يخضع الى مقدار تعاطيهم بالآداب والثقافة، بل بحسب قوتهم في اللغة المعنية وعدم قبولهم في باقي الكليات.
العلامة الفارقة هي الحضور الأنثوي الطاغي في الكلية وهذه هي حال المتقدمين للاختبار. فعدد الإناث مرتفع نسبة للشباب. ترى احسان وهي طالبة متقدمة الى امتحان اللغة الانكليزية «أن السبب هو ان مهنة التعليم «بتلبق» للبنات اكثر من الشباب». في حين تضيف وعد: «ان مهنة التعليم مناسبة للفتيات بسبب الوقت والعطل الكثيرة مما يتيح لها الوقت الكافي للاهتمام بالمنزل».
التعليم إذاً هو ما يجعل للفتيات هذا الحضور الطاغي. لكن جعفر، المتقدم لامتحان اللغة العربية، يرى ان المردود المادي للتعليم غير جيد وغير سريع: «على عكس الأعمال او الاختصاصات الاخرى التي يكون مردودها سريعاً وبالتالي تسهل عملية التأسيس لعائلة وزواج».
بين الدخول والتخرّج واسطة
مدير الكلية عصام شبارو قام بحركة لافتة حينما جال على الصفوف متوجهاً للطلاب بخطاب فريد من نوعه بالنسبة للجامعة اللبنانية فقال: «لا بواب ولا مدير يمكن ان يكون له فضل في نجاحكم، ومن يحاول ايهامكم بذلك فهدفه الرشوة». شبارو أكد، لدى سؤاله عن الامر، أنّ الحل للواسطة هو «إلغاء امتحانات الدخول والاعتماد على المجموع في الثانوية العامة، كما يحصل في باقي البلدان العربية». لكن على ما يبدو فإن للطلاب وجهة نظرهم وعلى امل تحول الخطاب الى فعل يبقى الطالب بحاجة الى نفوذ احزاب هنا وهناك.
فالطلاب المنقسمون على كل شيء، اتفقوا على موضوع الواسطة. ولا يمكن اي حدث ان يقنعهم بغير ذلك. فلا يمكن استمرار الطالب في اللبنانية بلا واسطة. ومعظم الطلاب المتقدمين كانوا قد رسبوا في امتحانات دخول باقي الكليات فلم يبق لهم سوى الآداب.
كلام الثقافة تمحوه الآداب
واذا كان الموضوع الذي تطرحه اختصاصات الكلية هو «الثقافة العامة»، فإن لمعظم الطلاب موضوعهم الخاص بهم، وهو النجاح، ثمّ دخول سوق العمل، بغض النظر عن اي اعتبار آخر. ترى إحدى المتقدّمات انه لا علاقة للقراءة او الاطلاع بالادب الانكليزي، لكنها تقدم الامتحان لأن الأبواب أقفلت في وجهها. أما هنادي فوقتها مشغول على الدوام، ولا مجال للاطلاع على الحياة الثقافية او القراءة. ولكن للقراءة وقتها، فمحمد المتقدم لامتحان اللغة العربية يجد أن وقتها المنــــاسب حينما يكون الملل هو الشعور المتملك لديه.
«الآداب»، كلية الثقافة، لكن مع وقف التنفيذ. وربما كانت طريقة التعليم والتعاطي مع التلاميذ أحد أهم الاسباب لهذه الظاهرة. فهذه الكلية التي أطلقت أهم المثقفين في الحياة اللبنانية، قد باتت عاجزة عن جعل احلام الطلاب كبيرة، إذ تمكّنهم من تخطّي حاجز النجاح بغض النظر عن المعلومات والاستفادة. كما ان امتحان الــــدخــــول لا يقــــيم معياراً للثقافة، والاسئلة ســــهلة ومقتصرة على حدود اللغة.