راشيا ــ شريف سريوي
منذ أواسط أربعينيات القرن الماضي، وراشيا تعمل في صناعة المدافئ المنزلية. وتأخذ هذه الصناعة “الحرفية” طريقها نحو التطور، ولاسيما أن “مدافئ” راشيا تحوز ثقة المواطن.
سليمان القضماني هو أول من أدخل صناعة المدافئ الى راشيا. وكانت هذه الصناعة بدائية تعتمد على العمل اليدوي، من تجميع الألواح الحديدية باليد ووضع المسامير فيها وقصّها بواسطة آلات قديمة. أمّا اليوم، فقد عرفت هذه الصناعة تطوراً وتقنيّة حدّت من “الإرهاق” خلال صناعة “صوبيا” أو “وجاق”، إذ بدأ أصحاب معامل المدافئ باستخدام الآلات الحديثة والتكنولوجيا في “حرفتهم” القديمة ــ المتجددة التي قللت من اليد العاملة في المصانع الصغيرة في راشياثمة 15 مصنعاً في راشيا اليوم لصناعة المدافئ التي تشهد إقبالاً على الشراء في هذه الأيام مع بداية موسم الأمطار والبرد. ولكن عملية التصنيع لا تتوقف على مدار أيام السنة لتوفير كميات تحتاج إليها السوق المحلية اللبنانية، وليس فقط منطقة راشيا، حيث يقدر عدد المدافئ التي تباع سنوياً، من مختلف الأحجام والأنواع، بنحو سبعة آلاف مدفأة تعمل على المازوت أو الحطب.
يقول السيد يوسف القضماني إنه أخذ “الصنعة” من والده سليمان الذي “عمل طوال حياته في هذه الصناعة وعملت الى جانبه حيث كنا نشتغل 12 ساعة في اليوم بالطرق البدائية ونستطيع أن ننجز حوالى ثلاث مدافئ. وهذا عدد قليل بالنسبة الى الطلب. لكن انتشار المصانع في راشيا كان يغطي حاجة المنطقة، وزيادة الطلب دفعتنا الى الاستعانة بعمال آخرين لسدّ حاجة السوق. وبدأت هذه الصناعة بالرواج الى خارج منطقة راشيا مثل حاصبيا وعاليه وبعلبك حيث كان المواطنون يقصدون راشيا لشراء المدافئ نظراً لجودتها ولاتقاء برد الشتاء”.
ويطالب محمد أبو ابراهيم الذي يعمل في صناعة المدافئ منذ اكثر من 20 سنة بـ“تشجيع هذه الصناعة وإيجاد أسواق خارجية لتصديرها وخاصة أن العديد من دول الجوار مناخها مثل لبنان وهي بحاجة الى مثل هذه الصناعة، وقد قدم عدد من المواطنين من الكويت والأردن وسوريا لشراء المدافئ لكن كثيراً من الصعوبات كانت تعترضهم خلال نقل المدافئ”. ويلفت السيد محمد سويدان الى أن “الكلفة العالية في صناعة المدافئ تنعكس سلباً على المواطنين. فصاحب المصنع، وبعد غلاء الأسعار، يعمد الى رفع سعر المدفأة”، موضحاً أن ارتفاع أسعار مبيع المدافئ منسجم مع “ضرائب الكهرباء وارتفاع أسعار الحديد والآلات المستخدمة (مثل المخرطة) وآلات قطع الحديد”.
في المقابل، يجد مواطنون في أسعار المدافئ “ناراً” تحرق جيوبهم. ويقول السيد أبو علي القادري إنه مضطر الى شراء “صوبيا” لا يتجاوز ثمنها 25 دولاراً و“المازوت غالي، وأسعار الصوبيات الكبيرة كمان غالي، ولا نقدر إلا على شراء صوبيا صغيرة على المازوت”.
يراوح اليوم سعر المدافئ في راشيا ما بين 20 دولاراً و200 دولار، وهي أسعار تعود الى حجم المدفأة ونوعية حديدها، وما اذا كانت تعمل على المازوت أو الحطب أو الغاز. و“الصوبيا” قد تعمر عدة سنوات إذا أُحسن استخدامها، وكان حجم الحديد متوازناً مع حجم الاشتعال، وهذا ما تمتاز به مصانع راشيا التي تشهد إقبالاً على شراء “صوبياتها”.