طرابلس ــ نقولا طعمة
جفّت الملاحات، وهجرها أهلها، واحتلّت الطحالب والطفيليات المتلوّنة المساحات التي غطاها الملح الأبيض. فالملاحات المنتشرة على الساحل الشمالي لم تعد تقوى على مقاومة استيراد ملح المناجم المصري ذي السعر المتدنّي، الذي بات يغرق الأسواق اللبنانية.
صراع الملح والملح ليس صراع أجناس وأصناف، بل صراع قطاعات اقتصادية وأسواق تجارية بعضها ببعض. وفي نظام إلحاق الاقتصاد اللبناني باقتصاد الصناعة الخارجي، تبقى الغلبة دائماً لمصلحة التجارة على حساب الصناعة المحليّة.
والنتيجة أنه لم يعد أحد يهتمّ بسدّ شقوق الملاحات بالأسفلت، ولا بتجديد مراوحها التي استبدلت في فترات سابقة بالمضخات الآلية.
كأنما هذه الملاحات تتجه نحو مثواها الأخير، تاركة ممالح الطاولات من دون يود البحر، والعاملين في نطاق الملح من دون مداخيل.
تتجدّد المعادلة القديمة ــ الجديدة التي تفيد بأنه في نظام الإلحاق اللبناني الحالي، سيستمر السمك الكبير يأكل السمك الصغير، وستبقى قطاعات اقتصادية تنمو على حساب قطاعات أخرى.