strong>فداء عيتاني
«ما يحصل لم يعد يحتمل». يقول رئيس حكومة سابق لمفتي الجمهورية محمد رشيد قباني «أنت مفتي المسلمين ولست مفتياً لجزء من السنّة، إما أن تُسكت (مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي) الجوزو، وإما أن نسكته نحن». الرئيسان سليم الحص وعمر كرامي من جانبهما اجتمعا أمس، وتحدثا مطولاً بشأن المسألة واتفقا على متابعة المداولة لاحقاً. باتت الطائفة السنية أمام مفترق. يجتمع 30 من علماء السنة من دار الإفتاء والقضاة وغيرهم، يتداولون في دارة الشيخ مصطفى الجعفري في أحوال اهل السنة، يفجر الشيخ هشام خليفة الموقف حين يقول «ما يحصل هو انحياز الى جانب جزء من أهلنا». فيدور عندئذ نقاش جدي، والخلاصة: «لنا موقعنا الوطني في لبنان، اسرائيل ومن خلفها عدونا، وكلمتنا يجب أن تكون مسموعة بين أركان الوطن، نريد العيش مع الجميع في لبنان». في اشارة الى رفض كل ما يثير الفتن.
يتلقّى الرئيس الحص ثلاثة اتصالات من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، والكلام عن دار الافتاء، «وحده توافق سياسي من كل الأطراف في الطائفة، يمكنه أن يعدّل الأوضاع»، يقول مرجع بيروتي عريق، ويضيف «عليك ان تبحث عمن ليس له مصلحة اليوم في تعديل واقع دار الفتوى»، دون أن يخفي ملاحظات سبق أن أبداها في اكثر من مناسبة سراً وجهراً، حول المفتي أداءً ودوراً وموقعاً.
يحاول الرئيس نجيب ميقاتي أن يقرّب وجهات النظر، وبعيداً عن الأضواء، وعبر اتصالات يجيدها أكثر من غيره، يسعى حتى الى عقد لقاء بين كرامي والمفتي قباني، البعض بالغ في التفاؤل ورأى أن اللقاء حاصل حتماً، إلا أن كرامي يؤكد لـ«الأخبار»: «أنا؟ في لقاء مع المفتي؟ لا أبداً، هذا غير وارد». يقول الرجل الذي فجّر استقبال المفتي قباني للمدان بقتل أخيه، كل الخلافات الأخرى: «لا مصلحة لأبناء الطائفة السنية في الالتحاق بالأميركيين، ولا بأركان 14 آذار حتى. وصار الكلام عن إصلاح داخل دار الفتوى متروكاً للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى».
السنيورة من ناحيته يلبي طلباً من دار الفتوى ويتصل بالرئيس الحص، ليعلم موقف الشيخ خالد عثمان، «كان من باب أولى أن يتصل بي المفتي شخصياً ويسألني إن كنت أوافق على طرح المفتي الشعبي، وأنا للأمانة أعدّها حملاً ثقيلاً أكبر مما أتحمل، وفي كل الأحوال فأنا لست في هذا الموقع»، هذا ما يقوله الشيخ عثمان لقريبين منه، ويرفض الاستفاضة، الكل هنا يراعي في شكل أساسي حساسية الرئيس الحص الشهيرة من تداول الأخبار والأنباء على غاربها.
ثمة اسم آخر بدأ يثير حساسية أهل السنة أو بعضهم، إنه الشيخ القاضي المعين في منصب مفتي عكار بالوكالة، أسامة الرفاعي، ينتقد هؤلاء تصريحاته ويرون أنها تصب في إطار تبادل الأدوار بينه وبين المفتي الجوزو، ويتم تبادل الاتهامات بين شيوخ الطائفة، ويستسهل البعض اتهام شيوخ من كبار القوم بأنهم تابعون «للأجهزة السورية»، فيجيب الشيخ عبد الناصر جبري بهدوئه: «نحن أهل السنة لا نخاف من اتهامنا بعلاقتنا بسوريا، وهي علاقة أهل وتاريخ، ولمن يتهم بعضنا بأنه مخابرات سورية نقول علاقتنا بسوريا علاقة أحرار ونرفض بكل تأكيد الوصاية الآتية من واشنطن أو باريس».
كل ما كان يسعى اليه مفتي الجمهورية من خلال اتصاله بأحد أركان الطائفة هو تهدئة الأجواء، إلا أن هذا المطلب قوبل برد قاس غير متوقع، واليوم ثمة من يبحث في الأسماء في برجا عن مفت لجبل لبنان، «يمكن تعيين القاضي عارف الحاج، وهو دكتور وعلى علم كبير»، بحسب ما يقول أحد علماء دار الإفتاء، ويستبعد عالم آخر أن تحصل انتخابات في حال تنحية المفتي الجوزو، بل ستحصل عملية تعيين، وفي هذه الأجواء فإن امتحانات المساعدين القضائيين للقضاء الشرعي (من 20 الى 23 من الشهر الحالي) قد تظهر صورة أوضح عن الصراط الذي ستستقيم عليه الأمور، عدا عن الاتصالات التي تجريها اللجنة المنبثقة عن «اللقاء الوطني» و«جبهة العمل الاسلامي»، والتي يقول المعنيون بها إنها «ممتازة».