العبّاسية ـــ عسّاف أبو رحّال
بعد التأكيد الذي صدر عن قيادة قوات الطوارئ الدولية مساء أول من أمس، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي بدأت انسحاباً من الجزء الشمالي من بلدة الغجر، تبيّن صباح أمس ميدانياً عكس ذلك. فالبلدة ما زالت تحت الاحتلال بكل أجزائها وأحيائها السكنية، وما اقتطعه الاحتلال من مساحات إضافية بعد حربه الأخيرة على لبنان.
ماذا في الغجر؟ سؤال قد يطرحه كل مواطن ومتابع للشؤون الحدودية الجنوبية: سواتر ترابية، أسلاك شائكة لم تحركها رياح الانسحاب بعد، وبوابة حديدية بانتظار أن تفتح على مصراعيها. كل شيء على حاله حتى ساعات ما بعد ظهر أمس، ويمكن القول: «انسحبت أم لم تنسحب، الاحتلال باق». فدوريات قوات الاحتلال تجول في البلدة ولوحظت تحركات روتينية لسيارات الهامر المصفحة في الطريق بين الموقع العسكري الإسرائيلي عند الأطراف الجنوبية الشرقية للبلدة وموقع العباسية، وصولاً حتى الشريط الفاصل.
ولحظة وجود عدد من المراسلين الصحافيين اللبنانيين عند الساتر الترابي قرب نقطة مراقبة للكتيبة الهندية اقتربت منهم دورية اسرائيلية من الجانب المحتل لبلدة الغجر وترجّل عنصران من سيارة الهامر ووجّها التهديدات بإطلاق النار باتجاه الصحافيين في حال البقاء عند الساتر، وقال أحد الجنود «إن هذه المنطقة تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي وممنوع المكوث فيها وإلا فسنطلق النيران عليكم مباشرة».
عند ذلك طلب عناصر الدورية الهندية من الصحافيين الابتعاد عن الساتر تلبية للتهديدات الاسرائيلية. يشار الى أن عناصر الدورية الهندية، كانوا يكتفون بتسجيل مجريات الأحداث، ولم يقتربوا من الساتر الترابي نحو بلدة الغجر، كما حضرت صباح أمس دورية من الكتيبة الإسبانية وأخرى هندية تفقّدتا الوضع وغادرتا.
وفي الجزء الآخر خلف الشريط بدت حركة الأهالي مشلولة في الجزء الشمالي، حيث غابت كل النشاطات والأعمال اليومية، وخصوصاً المتعلقة بقطاع البناء حيث هناك بضع ورش كانت ناشطة في الأيام القليلة الماضية. واللافت في الموضوع كثافة الدوريات الإسرائيلية وتمركز الجنود فوق سطوح المنازل في مواجهة الجانب اللبناني.
لذلك، يبقى التصريح الدولي بالانسحاب من الجزء الشمالي لبلدة الغجر، مجرد حبر على ورق، ويمكن القول إنه لم يأت من فراغ بل نتيجة تنسيق قائم مع قيادة اليونيفيل، التي تعرضت صدقيتها للاهتزاز نتيجة المناورات الإسرائيلية الكاذبة والهادفة الى خلق بلبلة في هذه النقطة الحدودية التي باتت أشبه بقصة «إبريق الزيت».