نعمت بدر الدين
صادقت الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية في جنيف أمس، على انتخاب مارغريت شان، المرشحة الصينية لمنصب المدير العام للمنظمة، بإجماع الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي للمنظمة، بعد اجرائه اربع دورات اقتراع سرية، وتجرى الانتخابات على قاعدة استبعاد المرشح الذي ينال ادنى من 10% من الاصوات، في الدورة التالية من الاقتراع. وكان المجلس التنفيذي للمنظمة قد اختار خمسة مرشحين من بين 123، ضمن ما سمي «اللائحة القصيرة» وهم: الكويتي كاظم بهبهاني، الإسبانية الينا سالغادو منديز، المكسيكي خوليو فرانك، الياباني شيغرو اومي، والصينية مارغريت شان. وقد نالت الصين 35 صوتاً واليابان 31 صوتاً والمكسيك 30 صوتاً، أما اسبانيا والكويت فقد نالتا 28 صوتاً، فيما فشل المرشح الفرنسي الدكتور برنارد كوشنير في ان يكون بين الخمسة.
لبنان كانت له تجربة خاصة في هذه الانتخابات، تمثلت بالوزير السابق كرم كرم الذي ترشح لمنصب المدير العام للمنظمة للمرة الثانية، كرم تحدث الى «الأخبار» عن الموضوع، فقال: «قمت بحملتي مشياً على الأقدام، والمرشحون الآخرون في النفاثات الطائرة».
ترشيح كرم كان من خلال الدولة السورية التي رشحته كما قال، بالتشاور مع بعض الدول العربية الأخرى، مبررة ذلك «بأن الظروف السياسية التي مر بها لبنان لم تسمح له بترشيح كرم، فكان ان رشحته هي في 20 تموز 2006 خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان».
كرم أشار الى انه لم يكن المرشح اللبناني الرسمي، ولا يعرف لماذا، ويقول: «الترشيح الرسمي لهكذا منصب يتم عبر: وزير الصحة أو وزير الخارجية او الاثنين، او عبر الحكومة، ما حدث معي ان وزارة الصحة استدركت ولو متأخرةً بعد ترشيح سوريا لي، وارسلت ترشيحي في ايلول. الا ان ترشيحي لم يعرض على مجلس الوزراء ليتبناه لأصبح المرشح الرسمي، وعندما ارسلت وزارة الصحة طلب ترشيحي سارعت دمشق في 13 تشرين الاول الى سحب طلبها لاكون المرشح اللبناني».
وتشير المعلومات إلى ان اعضاء المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية اجتمعوا ليختاروا اللائحة القصيرة، واعتبروا اثناء اجتماعاتهم ان طلب وزارة الصحة اللبنانية الابقاء على ترشيح كرم غير مقبول، لأنه وصل بعد انقضاء مهلة تقديم الترشيحات في 5 أيلول. وعندما رفض طلب ترشيح لبنان، عادت سوريا لتتبنى ترشيحها كرم في 30 تشرين الاول. ويفتخر كرم بدعم سوريا له، «لكنني مرشح لبناني»، ويعلق عند سؤاله إن حظي بدعم الدولة اللبنانية، فيقول: «في المرة السابقة كنت وزيراً للسياحة وترشحت وتبنت الحكومة ترشيحي. اليوم لا اعرف لماذا لم تتبن الدولة ترشيحي رسمياً». ويبرر: «ربما لاسباب تتعلق بالظروف التي مر بها لبنان. كنت اعلم انها معركة ليست سهلة وحظوظي كانت قليلة، فالدول الاخرى وفرت لمرشحيها كل التسهيلات وتدخلت بكل قواها ووظفت علاقاتها مع الدول للضغوط او للوعود، ووضعت كل اعلامها وديبلوماسييها في خدمة مرشحها، ويقال حتى ان بعض الدول قد صرف مئات الملايين من الدولارات من اجل هذه الحملة. اضافة الى الضغوط السياسية، بعض الدول تلقى وعوداً بدعم ترشحه في مجلس الامن، والبعض الآخر كما ذكرت الصحف السويسرية وحتى في «فايننشال تايمز»، تلقت هدايا من نوع مستشفى تقدر قيمتها بـ100 مليون دولار، في مقابل صوتها». يضيف: «كان للمعركة وجهان: وجه علمي طبي، وانا ازعم انني من هذه الناحية حظيت بتقييم الاوساط واعتبرت من افضل المرشحين، فصرحت مجلة «لانسيت» العلمية انه اذا اخذت الكفاءة والطاقة والقدرة على قيادة المنظمة فالوزير كرم يستحق هذا اللقب.
الا ان الوجه السياسي الآخر للانتخابات لم اكن قادراً على مواجهته، لأن المعركة لم تكن متكافئة، كنا نواجه دولاً كبرى لديها طاقات هائلة، كنت اتمنى ان احظى بدعم سياسي، وكانت لدينا فرصة للتعاطف معنا من المجتمع الدولي، الا ان الضغوط كانت كبيرة. كنت ادرك ان المرشحة الصينية ستفوز، لأن ما كان يدور في اروقة المنظمة هو أن الصين قد وافقت على مجيء المرشح الكوري الجنوبي أميناً عاماً للأمم المتحدة، مقابل التخلي لها عن هذا المنصب».
يذكر انه كان هناك مرشحان عربيان، هما الوزير كرم والمرشح الكويتي كاظم بهبهاني، وقد علمت «الاخبار» ان دولة الكويت قد استاءت من ترشح كرم، وخصوصا أن المرشح الكويتي كان يحظى بدعم الجامعة العربية، وقد حاولت الكويت من خلال اتصالات مع كل من سوريا ولبنان سحب كرم وقامت بجهود كبيرة لإقناع سوريا. وتردد ان الحكومة اللبنانية شعرت بحرج حيال الطلب الكويتي، نظراً الى الدعم المالي الذي تقدمه الكويت للبنان من جهة، والى كون سوريا من يملك القدرة على سحب ترشيح كرم من جهة أخرى. والجدير ذكره أخيراً أن الصينية شان من هونغ كونغ، شخصية مرموقة ودينامية، وقد برز اسمها من خلال دورها الكبير في مكافحة انفلونزا الطيور، وقد انتخبت لولاية من 5 سنوات، تبدأ في 4 كانون الثاني 2007 وتستمر لغاية 30 حزيران 2012 .