حذّر أمس قائد «اليونيفيل» الجنرال الفرنسي ألان بيلّيغريني من تدهور الوضع في جنوب لبنان. وقال بيليغريني لصحيفة «لوريان لوجور» «نخشى من ان يتدهور الوضع بسرعة في المنطقة، وذلك في أشكال مختلفة، بسبب الأعمال التي يمكن ان تتم انطلاقاً من هذه المنطقة في اتجاه اسرائيل». وأضاف بيليغريني «يمكن أيضاً حصول انقسامات، أي انعكاسات للمشاكل اللبنانية الداخلية التي تجلّت مثلاً على طاولة التشاور. نتابع هذه القضية عن كثب، ومن دون ان يكون المرء متشائماً ينبغي الإقرار بعوامل محتملة تجعل الوضع هشّاً».وتابع «هناك أيضاً المشكلة الفلسطينية (إذ يجب عدم نسيان وجود مخيمات فلسطينية في هذه المنطقة) قد تصدر عنها ردود فعل حيال أوضاع إقليمية، وهذا يعني وجود مصادر توتر عديدة يخشى منها»، لافتاً أيضاً الى التحليق الاسرائيلي في الأجواء اللبنانية.
وعن الحادث الذي كان على وشك التسبب بإطلاق نار دفاعي من جانب الجنود الفرنسيين على مقاتلات إسرائيلية، قال بيليغريني انه «لا يملك تفسيراً واضحاً». وأضاف «قد يكون الأمر استفزازاً متعمداً (...) نحن نتقصى الأسباب».
وبحسب الرواية الفرنسية للحادث الفرنسي الاسرائيلي، أفادت معلومات وزارة الدفاع الفرنسية ان أربع مقاتلات اسرائيلية شاركت في 31 تشرين الأول في غارات وهمية بصواريخ وبالمدفعية على الجنود الفرنسيين في اليونيفيل. ورصد رادار «سامانتا» الذي يستطيع الكشف على بعد ثلاثة آلاف كيلومتر والذي تستخدمه القوات الفرنسية، اقتراب طائرات «إف-15» اسرائيلية عبرت الخط الأزرق. وقال المصدر نفسه ان الطائرات قامت عند الساعة 9.30 بالتوقيت المحلي بأول مرور على ارتفاع منخفض فوق قاعدة ديركيفا حيث ينتشر الجنود الفرنسيون من قوة التدخل السريع. وقد دخلت الطائرات في «نطاق عمل» صواريخ ميسترال القصيرة المدى والتي زود بها الجنود الفرنسيون بهدف الدفاع عن النفس. وفي الساعة 9.14 و9.31، قامت الطائرات بمناورتي «انقضاض» تجري عادة لإطلاق صواريخ أو قذائف مدفعية. وفي هذه اللحظة كان استعداد الصواريخ تاماً وكان يمكن الجنود الفرنسيين «استهداف» طائرات الـ«إف-15» الاسرائيلية.
وأكدت الوزارة ان «هدوء الجنود الفرنسيين وحده سمح بتجنب نتائج مأساوية لهذا الاستفزاز». وأوضحت انه كان يمكنهم بموجب قواعد الاشتباك، إطلاق النار في هذا الوضع الطارئ من دون الرجوع الى قيادتهم. وذكرت الإذاعة ان تسعة عسكريين فرنسيين قتلوا منذ سنتين في ظروف مماثلة في ساحل العاج. وأضاف «ان هذه الحادثة لا تزال ماثلة في ذهن الجنود الفرنسيين وإن لم يكن المعتدون هم أنفسهم». أما المتحدث باسم وزارة الدفاع جان فرنسوا بورو فتحدث عن «أدلة مطلقة» على هذا الحادث في سلسلة من الحوادث بين الطائرات الاسرائيلية والبحريتين الفرنسية والألمانية. وأضاف «في نظرنا لا يمكن إنكار الوقائع».
من جهة ثانية، وصل أمس الى مطار بيروت نحو 129 عنصراً من الكتيبة الأندونيسية التابعة لقوات اليونيفيل التي ستضم 851 جندياً على متن طائرتين عسكريتين أميركيتين عبر إسطنبول في تركيا.
ميدانياً، كثّفت القوات الايطالية العاملة في إطار اليونيفيل من دورياتها في القطاع الغربي في قضاء صور، حيث نظمت دوريات ثابتة وسيّارة في مناطق شمع ورأس العين جنوب شرق مدينة صور، وقامت مروحية دولية بدوريات جوية على طول الخط الأزرق الممتد من الناقورة حتى مدينة بنت جبيل، وراقبت التحركات عند الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين المحتلة.
وعلى صعيد آخر، أعلنت فنلندا أمس أنّها توافق على نظرية «الحادث العارض» في القصف الاسرائيلي لمقر الأمم المتحدة في الخيام في تموز الماضي، الذي أسفر عن مقتل أربعة مراقبين بينهم فنلندي، وإن كانت لا تزال هناك أسئلة عالقة.
وقال رئيس الوزراء الفنلندي ماتي فانهانين خلال مؤتمر صحافي ان «تقارير اسرائيل والأمم المتحدة منطقية لكنها غير كافية»، استناداً الى النتائج التي توصلت إليها مجموعة من الدبلوماسيين والعسكريين.
وكانت هلسنكي قد ألّفت مجموعة الخبراء هذه بعدما خسرت أحد رعاياها في القصف. واعتبر الخبراء بعد النظر في التقريرين انه «ليس من سبب يدعو الى إعادة النظر في التفسير الذي قدمته اسرائيل ومفاده ان تدمير قاعدة الخيام ناجم من خطأ»، وأقروا بأنهم «لا يملكون أي دليل على ان الهجوم كان متعمداً».
لكنهم أسفوا «لعدم تقديم أي جواب خطي» على «عدد من الاسئلة الاضافية ذات الطابع التقني والعسكري أُرسلت خطياً الى الطرفين».
(وطنية، أ ف ب، يو بي آي)