البقاع ــ رامي بليبلفي الرابع من تشرين الثاني، خرج مستشفى الهرمل الحكومي الجديد من علبة الأحلام بعدما حسم وزير الصحة الدكتور محمد جواد خليفة قرار افتتاحه
ليصبح حقيقة تشفي غليل المواطنين في واحدة من أكثر المناطق حرماناً في لبنان


انتهت قصة ابريق الزيت. وفُتحت أبواب مستشفى الهرمل الحكومي أمام المرضى في احتفال مهيب أقيم برعاية وزير الصحة العامة الذي قص شريط الافتتاح إيذاناً ببدء العمل. ويؤكد رئيس مجلس الإدارة الدكتور سيمون ناصر الدين أنّ العمل سيكون منظماً وسريعاً ودقيقاً وعلمياً ويلبي طموحات أبناء المنطقةولهذا المستشفى قصة طويلة. ففي 19/4/1993، وبعد مراجعات حثيثة من أهالي المنطقة والنائب السابق مفتي الهرمل الشيخ علي طه، اتخذت وزارة الصحة العامة آنذاك قراراً يقضي بإنشاء مستشفى حكومي في مدينة الهرمل، إضافة إلى مستشفى آخر في عكار تموّله منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» وصندوق التنمية السعودي، وبمساهمة من الدولة اللبنانية. إلا أن الحجر الأساس تأجّل لظروف غامضة ست مرات على مدى ثلاث سنوات، بدأت بعدها رحلة البناء التي انتهت في 31/10/1998.
وما إن أنجز البناء، حتّى افتتحت مرحلة الإهمال والنسيان والتحركات والمراجعات والاعتصامات التي كانت تمنى دائماً بالفشل. وبات المستشفى معلماً سياحياً أثرياً جديداً، بالقرب من «قاموع الهرمل» الذي يبعد عنه بضعة أمتار. واستمرّ هذا الوضع إلى أن أصدر الوزير خليفة مرسوماً حمل الرقم 16347 بتاريخ 10 شباط 2006 يقضي بإنشاء مؤسسة عامة لإدارة مستشفى الهرمل الحكومي وتعيين مجلس الإدارة والمدير ومفوض الحكومة، لتنتهي معاناة مجلس الإدارة وتبدأ معاناة الافتتاح وبدء تقديم الخدمات .
تكمن أهمية هذا المستشفى في كونه يغطي منطقة واسعة تمتد من أطراف مدينة بعلبك الشمالية حتى قضاء الهرمل طولاً وعرضاً، وتحتضن عشرات القرى والبلدات التي تفتقر أصلاً إلى أبسط الخدمات الصحية. ويقع المستشفى على منحدر، ويشكل نقطة التقاء لمثلّث طرق رئيسية تؤدّي إلى الهرمل والقاع و«قاموع الهرمل». أمّا أرض المستشفى فقدّمتها بلدية الهرمل، وقد صمم المبنى على شكل ثلاثة أجنحة تلتقي حول قاعات الانتظار، ما يسهّل استقلالية كل قسم من أقسام الاستشفاء، ويبعد ضجة الزوار عن المرضى، ويسهل الحركة من غرف العمليات وإليها.
المبنى مصمم على أحدث الطرق التي توصلت إليها دراسات المستشفيات مع الأخذ بعين الاعتبار النظم الدولية للأمان ضد الحوادث والحرائق، وتجنب نقل العدوى بين الأجنحة، وخصوصاً لما يعود لنواحي النظافة والتعقيم والبيئة.
المساحة الإجمالية للمبنى هي 8420 م، وهي موزعة على أربع طبقات. أمّا غرف المرضى فموزّعة على جناحين في الطبقتين الأولى والثانية، وتشمل الأقسام الخدماتية الآتية: قسم الجراحة، الطب الداخلي، التوليد والنساء، الأطفال، الخدمات العامة، والطوارئ. وهناك أقسام الخدمات المتمّمة للمشروع كالأشعة والمختبر والصيدلية والعيادات الخارجية والمطبخ الرئيسي وقسم المصبغة وقسم المستودعات والخدمات العامة، وهو معدّ ليستوعب سبعين سريراً في مختلف الخدمات، ويتميز باستقباله لسبعة عشر سريراً قابلةً للتحول إلى أسرّة مرضى عند الضرورة، وهو ما يشكل الامتداد الأفقي للمستشفى. وتلبية لمطالبة رئيس البلدية مصطفى طه، أعلن الوزير خليفة عن افتتاح قسم غسيل الكلى وإتمام تجهيز المستشفى القديم كمركز صحي دائم.
مستشفى الهرمل الحكومي حلم تحقّق. فهل إزاحة الستارة عن لوحة انطلاق قطاره تزيح شبح الموت والمرض، فيبدأ مشوار خدماته على السكة الصحيحة، أم أنه سيلحق بسابقيه من مؤسسات الدولة فيتحول إلى ملتقى الفقراء ليبكوا عللهم على الأطلال؟
أما الإحصائية المرتقبة للمستشفى، التي تلائم قدرته الاستيعابية، فهي كالآتي: عدد أيام الاستشفاء 27300، عدد المرضى الداخلين 6500، عدد الولادات 1400، عدد الحالات التي ستستقبل في غرف الطوارئ 3500، عدد العمليات الجراحية 3000، عدد الزيارات في العيادات الخارجية 7000، عدد الموظفين 180، وعدد الأطباء 35.