طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
تحوّل العبور على بولفار نهر أبو علي وسط طرابلس القديمة إلى معاناة حقيقية بالنسبة للقادمين من الضواحي الشرقية للمدينة، ومن قضاءي الضنّية وزغرتا، بعد «احتلال» أصحاب البسطات لمساحات واسعة من أرصفة البولفار، مسببة أزمة سير خانقة، لم تخفف منها كل الإجراءات التي تتخذها قوى الأمن الداخلي وشرطة البلدية من وقت لآخر.
فرغم أنّ خطّي عبور البولفار على جانبي النهر يتسمان بالسعة والرحابة، إذ إنّ عرض كل منهما يتراوح بين 8 الى 10 أمتار، فإن البسطات المسقوفة بألواح التنك والنايلون، وعربات الباعة والسيارات، احتلّت أكثر من ثلثي مساحة البولفار تقريباً، امتداداً من نزلة مشروع نهر أبو علي قرب قلعة طرابلس، وصولاً إلى مستديرة النهر عند بولفار الملّولة، على امتداد نحو كيلومترين تقريباًالبسطات الثابتة وعربات البيع المتنقلة على جانبي البولفار تعرض انواعاً واسعة من السلع، وإن كانت الخضر والفاكهة هي الغالبة، إلى جانب وجود بسطات لبيع اللحوم والأسماك المُجلدة، والألبسة والأحذية القديمة والمستعملة (البالة)، والخرضوات على أنواعها، والحاجات المنزلية، فضلاً عن السجاد الذي ارتأى باعته اختيار ضفتي النهر لعرض سلعهم عليه في الهواء الطلق.
إلا أن الازدحام الذي يشهده البولفار يسبّب وقوع العديد من المشاكل يومياً بين أصحاب البسطات والسيارات العابرة، أو بين أصحاب البسطات أنفسهم، على خلفية التنافس في ما بينهم لاحتلال نقاط بيع تُعَدُّ أفضل من سواها. يضاف إلى ذلك أن البولفار يقع وسط منطقة شعبية تتميز بكثافة سكانها، كما يتوسط أيضاً سوق الخضر الرئيسي في المدينة، فضلاً عن قربه من الأسواق الداخلية القديمة والشعبية.
رئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد جمالي، ردّ في حديث لـ«الأخبار» تكاثر البسطات والباعة المتجولين في طرابلس إلى «انتشار البطالة وعدم توافر فرص عمل كافية»، لافتاً إلى أن «مستوى الدخل في عاصمة الشمال هو الأدنى في كل لبنان، وأن فئات فيها يعيشون في فقر مدقع»، مشيراً إلى أنّ «نحو 50 في المئة من الطرابلسيين هم دون خطّ الفقر».
وأوضح جمالي أنّ «الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب لسكان المنطقة يخلق لديهم حاجات لعمل يأتي غالباً بصورة عشوائية، وينعكس ذلك على سعينا لتنظيم المدينة».
إلا أن جمالي أشار إلى أنّ «الجزء الغربي من المدينة قد أخلي بالكامل من البسطات والباعة المتجولين، وتحديداً في أحياء التلّ، محيط السرايا القديمة، محور الأسواق القديمة، سوق حراج، بركة الملاحة، سوق البازركان، سوق الصاغة، وغيرها»، مشيراً إلى أنّه «لا يمكن إخلاء أحياء المدينة دفعة واحدة من البسطات، لأن من شأن ذلك أن يخلق أزمة اجتماعية قاسية لا نريدها، وتوتراً لا يتمناه أحد».