طوني حرب
الكلام قبل أيام عما يتداول لدى الأكثرية عن كيفية تعاطيها مع التحرك الشعبي المحتمل لشارع المعارضة، لم يكن يتصور هذه السرعة القياسية التي ستحرك التطورات، الى حد خروج ممثلي الطائفة الشيعية من الحكومة، ليضاف الى ازمة التمثيل المسيحي فيها، وليعاد طرح المشاركة المتكافئة في أية صيغة للحل، سواء في الحكومة الحالية اذا ما اتفق على اعادة ترميمها، أو في اية حكومة مستقبلية. ومع أن مختلف اطراف المعارضة من «حزب الله» الى حركة «امل» الى «التيار الوطني الحر» وقوى «اللقاء الوطني» اكدت لـ«الأخبار» عدم وجود نية لديهم للتحرك الفوري في الشارع، افساحاً في المجال لاستنفاد مفعول خطوة الاستقالة ايجابياً، مع تعليق أمل عليها ولو ضعيفاً. إلا أن هذا التروي يظل مشروطاً بالتوصل الى حل عادل يرضى به ممثلو الكتل النيابية في البرلمان. لكن أقطاب المعارضة لا يغفلون إمكان لجوء الأكثرية الى نصب فخ للمعارضة يقلب نتائج تحركها الشعبي، فبدل ان يؤدي هذا التحرك إلى عودة الأكثرية الى التفاهم معها على قاعدة الميثاق الوطني، تصبح الأولوية لدفاع المعارضة عن نفسها، ازاء تهمة تحول سلاح «حزب الله» الى الداخل اللبناني بدل اسرائيل. وإذ تأخذ المعارضة على محمل الجد السيناريو الذي تناقلته وسائل الاعلام عن توسيع مهمة القوات الدولية لتشمل تنفيذ القرارين 1559 و1701 بقوة الفقرة السابعة لميثاق الأمم المتحدة، فإنها تبدو مرتاحة ومطمئنة الى فشل الآخرين في جرها الى مثل هذا الوضع. فأوساط «حزب الله» أكدت لـ«الأخبار» قراره الحاسم والاستراتيجي والنهائي بعدم اعطاء اخصامه اية حجة للكلام على دور داخلي لسلاح المقاومة، وبالتالي الاساءة الى رمزية هذا السلاح وقدسية دوره، لا بل يعيد «الحزب» التأكيد الجازم على سلمية ولاعنفية اي تحرك شعبي محتمل، كما في كل تحركاته السابقة، وهو لن ينجر الى اي رد فعل عنفي حيال اي اعتداء دموي قد يصيب مناصريه من اية جهة أتى. «حتى لو قتلوا منا الف شهيد، لقد قتلوا في السابق من متظاهرينا ولم نرد إلا في السياسة». أما «التيار الوطني الحر» الذي يعد انموذجاً في تنظيم التحركات السلمية والمواجهة اللاعنفية لقمع الأجهزة، فتؤكد أوساطه أنه «ما دامت التحركات المحتملة في اطار القوانين المرعية، فإن واجب الحكومة والقوى الأمنية ومهمتهما يفرضان عليها مسؤولية المحافظة على الأمن والنظام العام، فسلامة الجمهور في الشارع مسؤولية الدرك والجيش الأولى والأساسية، ولا مشكلة في هذا. وإذا ما حاول احدهم رسم سيناريوهات دراماتيكية، فسوف ترتد عليه، وهم يدركون ذلك، لكنهم يروجون مثل هذه السيناريوهات لإيهام المواطنين بأن التحرك في الشارع سيجلب الحرب الأهلية ويدمر البلد، وهذا جزء من الحرب النفسية التي تشن علينا لضعضعة قاعدتنا الشعبية، لكنهم واهمون».