طرابلس ــ نقولا طعمة
اجتماع تأسيسي للمردة في تحولها الثالث

جاءت تطوّرات ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما أعقب ذلك من انقلاب في السلطة، ليدفع سليمان فرنجيّة وبيته السياسيّ بعض ثمنها. وأول تجليّات ذلك الثمن خروج آل فرنجيّة من السلطة، وانقلاب كثير من حلفاء الأمس القريب إلى خصوم حاليين. وتمسّك فرنجيّة بمواقفه التي أعقبت تحوّل «المردة» الأول: التحالف مع سوريّا يوم خذلها كثيرون، ورفض المستجدات الداخلة على لبنان من نافذة اغتيال الحريري. وتشهد الساحة اللبنانيّة الكثير من التطورات، وعودة قوى إلى الساحة، وبروز تحالفات جديدةليكسب الوزير فرنجيّة تعاطفاً كبيراً لأكثر من سبب وفي أكثر من ساحة، في ظلّ ما جرى منذ الرابع عشر من شباط 2005، ويتمسّك فرنجيّة بثوابته. وبين التعاطف من هناك والثبات من هنا، تشهد «المردة» التحوّل النوعيّ الثاني، ويسود في صفوفها منطق ثقافي وفكري مستجدّ، متجسّد في لغة «المرديين» الجدد وهي «المشرقية»، ورفع شعار المقاومة، والانخراط فيها بأشكال مختلفة، والتأكيد على العروبية، واستمرار الصداقة مع سوريّا. ويمكن القول إن فرنجيّة استطاع بثبات موقفه من القضايا المطروحة تحويل قاعدته الشعبيّة وتثبيتها.
تفرض التحوّلات على «المردة» تحدّيات جديدة. تيّار واسع عابر للمناطق والطوائف، وإن بنسب أوّليّة، متعاطف ومتمحور حول فرنجيّة، طامح الى موقع حديث ومتطوّر. ومن هنا كان إطلاق التيار في حزيران الفائت بداية لعمل تنظيمي جامع، في ظل الشعارات التي رست «المردة» عليها.
ويأتي الاجتماع التأسيسي الذي عقد في مؤسّسة «المردة» في بنشعي مساء أمس الأول، ليثبّت توجّه «المردة» الجديد.
وفي هذا الاجتماع، أعلنت الزميلة فيرا يمّين، منسّقة الشؤون الإعلاميّة في «المردة» أن الهدف من الاجتماع هو «تشكيل اللجان التأسيسية، لكي ينفتح التيار على الجميع من مختلف المناطق والطوائف، على أن يعلن عن المكتب السياسي للتيار في غضون شهر».
وتحدّث الوزير فرنجيّة بصفته رئيساً للتيّار، عن «التحوّل من العمل الميليشيوي الذي عرف التيار ماضياً به، إلى عمل مؤسساتي حيث يكون المنصب وسيلة لا غاية».
وقال: «المردة ليست حركة مسيحية حصراً، إنّها حركة علمانيّة حسب نظامها الداخلي. المشكلة ليست فينا. المشكلة أنّ البلد تركيبته طائفيّة. كنّا ضد المارونيّة السياسية، ونحن حركة وطنيّة جامعة، وعائلة واحدة، وفريق عمل واحد. المستقبل لنا كلّنا، وبقدر ما تكبر حركتنا نكبر معها وبالعكس. قضيّتنا حقيقيّة وقضيّتهم كذب. لا تتصرفوا كحاقدين مثلهم. علينا توسيع عملنا وإمكاناتنا، ونحن قادرون على عمل الكثير إذا نظّمنا أنفسنا. «المردة» مساحة للوطن، ولكلّ الناس. ونأمل أن نضيف إلى جانب الشمال في شعارنا المناطق الباقية من لبنان في العام المقبل».
وأضاف «ان همّنا هو أن يحصل فريقنا السياسي على الثلث الضامن، سواء أتألفت الحكومة برلمانياً أم لا»، مكرراً أنه غير راغب في الوزارة. وحذّر «من حصول أي استفزاز من مدسوسين في حال النزول الى الشارع بعد فشل التشاور، لأن في ذلك مصلحة للأكثرية».
وفي موضوع قانون الانتخابات قال فرنجية: «الشيخ سعد الحريري صرّح أمس بأنه مع قانون القضاء، وقد زارني وسيط ليضعني في الاجواء، وأبلغني أن الاكثرية هي مع القضاء وما عليكم سوى إقناع حلفائكم الشيعة ،الرئيس نبيه برّي و«حزب الله»، وكان جوابنا بسيطاً: اذا كنتم مقتنعين والاكثرية سائرة، والعماد عون موافق أصلا، اذاً اكثرية المجلس قادرة على تمرير قانون القضاء». ورأى أن «موافقة الاكثرية اليوم على قانون القضاء مناورة، لأن اي شكل من اشكال القوانين المطروحة يفقدهم الاكثرية».
ونفى ان يكون هناك فريق مع المحكمة الدولية وفريق ضدّها، موضحاً أن هناك «فريقاً راغباً في معرفة القاتل الحقيقي، فيما فريق آخر يريد أن تكون سوريا هي من قتلت الرئيس الحريري. هناك فريق يريد المحكمة الدولية، فيما الفريق الآخر يريد أن تكون المحكمة الدولية مدخلاً لضرب سوريا من لبنان، وقد نجد انفسنا السنة المقبلة نتحدّث عن أن المطلوب تحويل مطاراتنا الى قواعد للطيران الحربي للناتو، لكي تضرب سوريا وإيران».
ثمّ جرى توزيع اللجان والمكاتب وفق هيكلية للتنظيم الجديد.