غسان سعود
وزراء العمل والبيئة الأصيلان والوكيلان مستقيلون والحل يتطلب مرسوماً جمهورياً

يتكرر الانفعال نفسه عند موظفي وزارة الصحة. هنا يرتبك أحد الموظفين مستفهماً: “نائلة معوض وزيرة للصحة؟!”، قبل أن يسارع إلى النفي “طبعاً طبعاً لا!”، ليعتلي الغضب ملامح موظف آخر: “إذا حضرت معوض إلى الوزارة، فلن تجد موظفاً واحداً يرد عليها”.
كلُّ ذلك قبل أن تختبر الوزيرة بالوكالة تجربة التوجه من وزارتها الأساسية (الشؤون الاجتماعية) إلى وزارة الصحة، حيث عشرات الملفات تنتظر توقيعهاوما ينطبق على معوض يصح أيضاً على الوزير محمد الصفدي في وزارة الطاقة، والوزير طارق متري في وزارة الخارجية والوزير جو سركيس في وزارة الزراعة. وهم الوزراء البدلاء للوزراء المستقيلين، وجميعهم تريثوا في التسلم بلا تسليم، قبل اجتماع مساء أمس مع الرئيس فؤاد السنيورة، الذي تقرر بموجبه أن يتوجهوا إلى وزاراتهم الجديدة صباح اليوم.
وفي ظل عدم وجود مهلة زمنية أمام مجلس الوزراء للبت في الاستقالات المقدمة أو عدمها، كما أوضح أحد كبار موظفي المجلس، فإن القانون، وفقاً للموظف نفسه، ينص على ممارسة الوزير الوكيل في شكل مباشر صلاحيات الوزير الأصيل عند غياب الأخير. فيما شرح رئيس مجلس شورى الدولة سابقاً يوسف سعد الله الخوري، أن غياب الوزير يوقف العمل في شكل شبه كامل في وزارته، وخصوصاً أنه الرئيس التسلسلي الأعلى في وزارته، ويمثل الدولة تجاه الغير. وأوضح الفرق بين الاستقالة والاعتكاف، مشيراً إلى أن الأخير يُعبر عن احتجاج الوزير على موقف معين فيمتنع عن المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، خلافاً للأصول. أما الاستقالة فهي انقطاع عن العمل الإداري في شكل كامل وفقاً للأصول. وقال الخوري إن الاستقالة لا تُعَد نهائية ما لم تُقبل من المرجع المختص، بمرسوم يُوقّعه رئيسا الجمهورية والحكومة. وأكد أن رئيس الحكومة ليس المرجع المختص لقبول أو رفض الاستقالة، وكلامه الأخير في هذا السياق لا يعدو كونه تمنياً.
وفي انتظار بت الاستقالات بشكل رسمي، يترقب موظفو الوزارات بقلق مصيرهم. ورأى وزير الزراعة المستقيل طلال الساحلي أن ثمة قضايا زراعية متعددة لا تزال عالقة. وهناك مشاريع ألغيت أو أجلت إلى موعد غير محدد. فيما قال الوزير المفترض للزراعة بالوكالة، جو سركيس، إنهم يأملون حلاً هادئاً للخلل الحاصل، وعودة الوزراء عن استقالاتهم. وأشار إلى عدم الرغبة في أخذ مكان الوزراء المستقيلين. لكن إذا حصل هذا الأمر، وفقاً لسركيس، فسيتضاعف العمل. وقال إن الحكومات، سابقاً، كانت صغيرة وكان يُعطى لكل وزير حقيبتان.
وفي وزارة الطاقة، فإن الوزير البديل محمد الصفدي ومعظم مستشاريه هم خارج لبنان، كما أفاد مكتبه.
وأمام تضارب الآراء القانونية في مهام الوزير الوكيل تبدو مشكلة وزارتي العمل والبيئة أكثر تعقيداً، لأن وزيريهما بالوكالة، حسن السبع ومحمد فنيش، مستقيلان، وبالتالي فإن إيجاد حل لهما يتطلب مرسوماً موقّعاً من رئيس الجمهورية، يقضي بتعيين وزيرين جديدين بالوكالة. وكشف مدير عام وزارة النقل رتيب صليبا، عن حقيقة الأزمة التي تمر بها الوزارات التي استقال وزراؤها، فعُلقت كل القرارات التي تحتاج إلى توقيع الوزير. وأوقفت على سبيل المثال “طلبات استقدام الخدم” وكل إجازات العمل للفئة الأولى، بالإضافة إلى تعليق التصديق على قرارات مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمؤسسة الوطنية للاستخدام وكل قرارات التعاون أو الطلبات المشتركة والمتبادلة مع الوزارات الأخرى.
وبالعودة إلى القانون، يوضح الخوري أن طابع الوزارة بالوكالة موقت. والوكالة، في حالة الوزير أحمد فتفت مثلاً لم تعد طبيعية، إذ لا يجوز أن “تستمر من دون ضوابط إلى ما شاء الله”. وأكد أن وضع فتفت في الداخلية غير قانوني. ويقول الخوري إن الوزراء بالوكالة لهم الحق في الحلول محل الوزراء المستقيلين، إلى أن يُبَت في استقالاتهم ضمن فترة معقولة.
وفي حالة استقالة الوزيرين الأصلي والوكيل، يعتبر الخوري أن القانون يدعو إلى تعيين وكيل آخر بمرسوم موقع من رئيس الجمهورية. فعملاً بأحكام المادة 54 من الدستور، يُعيّن الوزير بالوكالة عبر مرسوم يوقِّعه رئيس الجمهورية، بمشاركة رئيس الحكومة. والأهم في كلام الخوري قوله إنه ليس ثمة مهلة زمنية تُعطى لرئيس الجمهورية من أجل توقيع المرسوم. وتسمية الوزير بالوكالة تتم بعد اتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة. وإلا كانت الوكالة باطلة وغير شرعية. وهكذا بين الأصيل والوكيل، ينتظر الموظفون رؤساءهم الجدد. وبعضهم لا يتردد في الوعيد، “إذا لم يكن الجديد من هوى القديم”.