البقاع ـــ علي يزبك
يعيش المهجرون في ثكنة غورو في بعلبك في ظروف معيشية وإنسانية صعبة، في أبنية متهالكة وتخاشيب مغطاة بألواح الزنك لا تقيهم حرّ الصيف ولا برد الشتاء وأمطاره. وغالباً ما يسكن في الغرفة الواحدة الاهل والأبناء والأحفاد.
ويبلغ عدد المهجرين الذين يسكنون في الثكنة منذ عام 1976 قرابة 320 عائلة وفدت اليها، جراء الحرب الأهليّة، من الفنار والنبعة وتلّ الزعتر وبرج حمّود والمتن.
يقول رئيس لجنة المتابعة داخل الثكنة الحاج عبد الكريم نون: «لقد تحول هذا المكان الى قرية كبيرة حيث لدينا 300 وحدة سكنية إضافة الى عشرين وحدة مشيّدة من الأخشاب وألواح الزنك. ويعيش الجميع هنا أوضاعاً صعبة. فهناك حوالى ستين عائلة تعيش على تقديمات مؤسسات الرعاية الأهلية والمحسنين، كما لدينا عدد من العوائل الفلسطينية التي وفدت إبّان الاجتياح الإسرائيلي للجنوب عام 1982».
ويؤكد نون أن «المهجرين ينتظرون بفارغ الصبر التعويضات العادلة من وزارة المهجرين كي يغادروا هذا المكان على الرغم من أنه بات جزءاً لا يتجزأ منهم، لأنه استضافهم ووجدوا فيه ملاذاً في أوقات الشدة. فمنذ عام 1995 أعدّت وزارة المهجرين كشوفاً وإحصاءات بعدد المهجرين وقيمة التعويضات التي حددت بخمسة آلاف دولار للوحدة السكنية، كما زارتنا هذا العام ثلاث لجان من الوزارة، وأجرت المزيد من الإحصاءات، لكن الى اليوم ما زلنا نواجه التسويف والمماطلة، فيما الوضع الإنساني من سيّئ إلى أسوأ».
ويقول خضر عبيد، المهجر من الزلقا سنة 1976: «أقطن مع أسرتي المؤلفة من اثني عشر فرداً في غرفتين اثنتين، سقفهما من ألواح الزنك. ونحن نفتقر الى الحد الأدنى من مقومات معيشة الانسان، ما أريده هو تأمين مسكن بديل لعائلتي وانا على استعداد لترك هذا المكان».
وليس الوضع الانساني والحياتي على أهميته ما يفرض إقفال ملف مهجري ثكنة «غورو» وإخلاءها بأقصى سرعة، بل تنفيذ اتفاقية قرض مشروع الإرث الثقافي والتنمية المدنية الموقّعة مع البنك الدولي، بحسب ما أوضح رئيس بلدية بعلبك محسن الجمال. إذ تشمل هذه الاتفاقية تمويل دراسة تأهيل واعادة استعمال كل ثكنة «غورو» وتنفيذ تأهيل الجزء الاول لاستعماله كمركز إداري لمحافظة بعلبك الهرمل، إضافة الى استعمالات ثقافية وسياحية وتربوية للجزء المطل على قلعة بعلبك.
وقد راجعت بلدية بعلبك رئاسة مجلس الوزراء ووزارة المهجرين ومجلس الإنماء والإعمار مراراً لحل مشكلة المهجرين في الثكــــنة وصرف التعويضات، الا أننا ما زلنــــا نـــواجه بالمماطلــــة. علــــماً أن الصنــــدوق المركزي للمهجرين قد حدد قيمة التـــعويضات بمبلغ لا يتجاوز المليــــون وخـــمســـمئة الف دولار، وهـــي كلــــــــفة ليســـت كبــــيرة.
ويضيف الجمال إن مساحة عقار ثكنة «غورو» تبلغ ستة وعشرين ألف متر مربع. وقد صدر قرار عن مجلس الوزراء حمل الرقم 34/2001 وقضى بإخلاء الثكنة وتحويلها الى سرايا حكومية لمحافظة بعلبك الهرمل، وذلك بعدما تم نقل ملكيتها من وزارة الدفاع الوطني لصالح الجمهورية اللبنانية. و«اليوم جاءنا مشروع الإرث الثقافي الذي يقترح تحويل جزء من الثكنة الى مجمع حكومي، والجزء الآخر ثقافي، وهو مموّل من الوكالة الإيطالية للتنمية بقيمة مليون ومئتي الف يورو. ويشترط الجانب الايطالي الإخلاء الفوري من المهجرين للمباشرة بالتنفيذ».
وختم الجمال بالقول: «إنّ الحكومة مطالبة بإقفال ملف مهجري ثكنة غورو بالسرعة القصوى وإلا فإننا نرى التأخير مقصوداً لإضاعة مشروع الإرث الثقافي الذي نرى فيه شعاع نور لتعود شمس الإنماء فتشرق من جديد على مدينة الشمس بعد كسوف طويل من الإهمال والحرمان»!