أنطون الخوري حرب
إنها المرة الأولى في مسيرة “التيار الوطني الحر” النضالية بعد عام 1990، التي يجتمع فيها “الناشطون العونيون” عشية انخراطهم في المواجهة مع السلطة، في حضور قائدهم. كانت الروح المعنوية تتأجج في صدورهم كلما قرروا التظاهر دفاعاً عن حقوقهم المشروعة، وكانوا يستظلون صلابة العماد الرافض في منفاه القسري، ويستمدون منها كل قوة للصمود في نضالهم.
لكن هذه المرة تضاعف المشهد تأججاً وهم يسمعونه يعلن الموقف ويحتل مقدمة المسيرة. هو هو كما عرفوه في بعبدا ومن ثم في فرنسا، لكن هذه المرة بين صفوفهم في الميدان. لطالما تحرك العونيون بعد عودة عمادهم، بدءاً بيومها الاول وبعده في الانتخابات النيابية، ومن ثم تظاهرة 10 أيار انتهاءً بمهرجان 15 تشرين الاول 2006.
كان جو اللقاء مع العماد ميشال عون أمس مختلفاً، كما الأهداف وآليات التحرك .فالشعور بالغبن والاستبعاد والاستهداف يسيطر على الجو، والمواجهة السياسية التصعيدية مفتوحة مع السلطة الفاقدة الشرعية الدستورية والشعبية.
وعماد العونيين ممنوع من تمثيل شعبه في موقع الرئاسة الأولى، الذي فرض نفسه بقوة إرادتهم في صناديق الاقتراع. أجمل ما في الاجتماع العوني في “قصر المؤتمرات” في الضبية، هو تلاقي مؤسسي حركة النضال ضد الوصاية السورية وقادتها، الذين أثبتوا عدم قدرة أي قوة على إلغائهم. ويؤشر لقاؤهم أمس الى تلبية «نداء الواجب»، كأنهم يعودون من الاحتياط الى الخدمة الفعلية. لكن مساحة صوتهم هذه المرة تشمل كل أجزاء الوطن. فهم مرتاحون الى العمق البشري والمعنوي الذي حققه تفاهمهم مع “حزب الله”، ومسرورون “بوطنية” تحركهم، بعد أن اتهموا لسنوات بالفئوية والطائفية، يرون نهاية الأسبوع موعد عرسهم مع الشارع، فيه صدحت حناجرهم يوم لم يكن أحد يستمع إليهم، ويعودون إليه بعدما قررت السلطة إسكاتهم من جديد، لم يتغير شيء، تبدلت الأسماء وربما الجنسيات، وبقيت المواقع على حالها، ومن كان ربيب الجلادين لن يكون أكثر من “كافور إخشيدي جديد”.
أتى بهم زمن الوصاية، فليرحل بهم شارع السيادة، ليأتي بعده زمن المحاسبة في محكمة الشعب.