حسن عليق
لم يشعر اللبنانيون بالاستقرار منذ بدء سلسلة التفجيرات قبل عامين حتى لاح أمل الانفراج في جلسات الحوار. العدوان الإسرائيلي أعاد الأمور إلى النقطة الصفر. فهل يطمئن اللبنانيون إلى سبل المعالجة الأمنية؟

«شو عم يوزّعوا سلاح؟» تعلّق إحدى طالبات الجامعة الأمريكية في بيروت على الانتشار الأمني الكثيف خلال الانتخابات الطالبية يوم الأربعاء الفائت. فالاستنفار السياسي في لبنان يقلقها، وهي تعبّر عن خوفها من انعكاسه على الوضع الأمني. في المقابل، الاستنفار الأمني واضح منذ عدة أيام في بيروت. ينتشر رجال الأمن الداخلي والجيش على كل المفارق تقريباً. يقيمون الحواجز في أماكن لم يكن من المعتاد مصادفتهم فيها. مع ذلك، فإن كل المواطنين الذين التقتهم «الأخبار» يشاطرون الطالبة قلقها من تحضيرات لإيقاع فتنة في البلد.
من جهته، وفي اتصال بـ«الاخبار» طمأن مصدر أمني رفيع أن الوضع الأمني في لبنان عموماً، وفي بيروت خصوصاً، أفضل مما يحاول البعض تصويره من خلال المبالغة والتهويل. فهناك في بيروت قرابة 450 عنصراً من قوى الأمن الداخلي إضافة إلى حوالى 100 عنصر استعلامي من فرع المعلومات ومفرزة بيروت القضائية. إلى جانب عناصر مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وجهاز أمن الدولة، مؤكداً وجود تنسيق يومي مع الجيش. أضاف إن عناصر الجيش يتمركزون حيث لا يكون الأمن الداخلي. مؤكداً أن الخطورة الأمنية لا تتجاوز المرحلة الأولى من اللون «البرتقالي» اذا اعتمدنا معيار الألوان من الأخضر (الأمن والسلامة) الى الأحمر (الخطر).
آراء المواطنين منقسمة حول الاستنفار. أحدهم يرى أنّه ضرورة لحفظ أمن البلد. يقول: «أنا بالمبدأ ضد الانتشار الأمني الكثيف، لكنني أريد أن يخرج لبنان من الحالة التي عاشها بعد 14 شباط 2005». وعن رأيه في ما إذا كان لهذا الاستنفار القدرة على منع الخلل الأمني، أجاب إن «الإجراءات يمكن أن تخفف الضرر لكن الخروق مصدرها 15 سنة من الحكم الفاسد الذي يحتاج إلى فترة طويلة للإصلاح». من جهتها، تعترض مواطنة على الإجراءات معتبرة نتيجتها الوحيدة إزعاج الناس. تقول: «أنا أسكن قرب مركز أمني، و أعاني منذ سنة لإيجاد موقف لسيارتي لأن القوى الأمنية تعتبر نفسها مستهدفة». مضيفة أن مشهد «العسكر في الشوارع يُشعر بالتوتر أكثر منه بالطمأنينة، فقوى الأمن الداخلي يجب ألّا تشبه الجيش الذي من المفترض أن يكون على الجبهة». من جهته، ذكر مواطن آخر أن الانتشار الأمني يطمئنه، وخاصة انتشار الجيش اللبناني الذي يرى أن له «وهرة على الناس». وطالب بزيادة العمل «الأمني السري لمواجهة الجهات التي تخرّب أمن الناس». مواطنة أخرى رأت أن ما يتّخذ من إجراءات أمنية يوحي بالطمأنينة لكن يجب مراعاة الناس لناحية الزحمة التي تسببها الحواجز وبعض الإجراءات.
من جهته، ذكر مصدر مطلع في الجيش اللبناني لـ«الأخبار» أن مسؤولية الجيش هي مؤازرة قوى الامن الداخلي بناءً لطلبها. وأكد رداً على سؤال أن القدرات اللوجستية والعددية للمؤسسة العسكرية لم تتأثر بالانتشار الذي جرى في الجنوب وعلى الحدود السورية، وأن الجيش قادر على المساهمة في «حماية أهله في أي مكان في لبنان». وطمأن المصدر المواطنين إلى أن الجيش جاهز لمنع أي شغب يهدد الاستقرار، مع الحفاظ على الحريات التي يكفلها الدستور.